الذي يضيء لهم أرواحهم من الداخل، ويضيء أمامهم الطريق فيصلون إلى الغاية في أسرع وأقصر مما يصل طلاب الدنيا المتفرغون!

إنك تحتاج إلى سعة نفسية مضاعفة لتحمل في نفسك طاقة الروحاني المتفرغ للروح، وطاقة الأرضي المتفرغ للأرض، ثم تحملهما ممتزجين متفاعلين لا في عزلة هذه عن تلك.

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. فإنها هي الذروة العليا من التربية على المنهج الإسلامي الأصيل.

وكما ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فلنرب أنفسنا وأبناءنا على ذلك.

وإنه لجهد ولا شك. ولكنه هو الجهد المثمر. هو الجهد القمين بأن يغير واقع الأرض حقًّا كما غيرته تلك الحفنة القليلة من المؤمنين في زمن وجيز لا مثيل له في كل التاريخ البشري، في قصره وسرعته وعظمة آثاره.

وحين تربي جيلًا من الشباب على هذا النحو، تكون قد صنعنا شيئًا حقيقيًّا لا للمسلمين وحدهم، ولكن لكل البشرية.

على هذه الصورة الشاملة المتكاملة يعالج الإسلام النمو الجسدي والنمو النفسي والعاطفي والعقلي والروحي في مرحلة الشباب الباكر فيصل به وشيكًا إلى مرحلة النضج.

وغني عن البيان أن الجاهلية لا تتركنا نربي أبناءنا على هذا النحو، لأن الجاهلية -في التاريخ كله- تكره النظافة النفسية والروحية وتتضجر من وجود المتطهرين فيها فتقول: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} 1 لأن مجرد وجود النظافة -ولو في فرد واحد- يذكرهم بأنهم ملوثون, وهم لا يريدون أن يتذكروا؛ لأنهم يستمرئون الدنس الذي هم فيه. ومن أجل ذلك يطاردون ما يذكرهم، يحاولون أن يمحوه من الوجود:

{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015