وتلاوة القرآن وحفظه من المعينات ولا شك. ولكن قراءته مع أحد التفاسير أبلغ نتيجة وأعمق أثرًا من الحفظ وحده، لأن التدبر مطلوب من المسلم، ولن يستطيع التدبر الصحيح دون أن يستعين ببعض التفاسير.
وقراءة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وخاصة ما جاء في باب الترغيب والترهيب تكمل الجو الذي يحدثه القرآن في النفس.
والحياة مع السيرة النبوية المطهرة ترفع الروح إلى آفاق عليا حين يعيش الإنسان مع أعظم شخصية في الوجود البشرى كله، ويقبس قبسات من الرسول صلى الله عليه وسلم تستضيء بها روحه وترفرف مع الملأ الأعلى.
وقراءة سير الصحابة رضوان الله عليهم تندي الروح وتعمق بشاشة الإيمان، لأنها نماذج بشرية فائقة كانت تعيش كل لحظاتها مع الله، كما وصفهم الله:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ، رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} 1.
هذه كلها وسائل معينة على تربية الروح. ولكن المنهج الإسلامي -وهو يعمق الجانب الروحي ويركز عليه- لا يدعه تهويمات روحية مجردة، ولا مجرد ذكر بالقلب أو اللسان كما تصنع بعض الحركات التربوية الروحية في تاريخ الإسلام المعاصر أو تاريخه السابق، سواء في حلقات الذكر أو في العزلة الروحية المنصرفة إلى العبادة بمعنى الشعائر التعبدية.
إن هذا الوصف الرباني ذاته الذي يصف فيه المولى جل وعلا تلك الفئة