الفترة، ويتعلق بقضية الألوهية كما يحس بمشاعر عميقة من المودة للكون والحياة والأحياء. أفيكون عملنا نحن أن يطمس هذا التفتح ونغلق عليه منافذه، في الوقت الذي نوسع فيه منافذ الجنس حتى يصبح جنونًا مسعورًا يلتهم كيان الشباب؟! ولحساب من؟!
وإذا كانت مناهج التربية الجاهلية في الغرب اليوم تزعم أنها تأخذ الواقع البشري كما هو بأمانة "علمية! " فأين تذهب هذه الأمانة يا ترى حين يتعلق الأمر بجانب الروح؟ ولماذا تخنس الجاهلية هنا بينما ترفع رأسها جاهرة هناك؟!
أما الإسلام الذي يلتقي التقاء كاملًا مع الفطرة السوية لأنه دين الفطرة، فإنه يعمق هذا الجانب تعميقًا على ذات النهج الذي يعمق ويقوي به كل اتجاه آخر في الكيان البشري.
فإذا كنا في تريتنا للشاب ننمي جسده، وننمي عقله، وننمي عواطفه، وننمي اهتماماته، فلماذا تبقى الروح وحدها بغير نماء؟!
كلا! إنها ينبغي أن نأخذ نصيبها الطبيعي من التنمية، بل أن تكون حجر الأساس في التربية كلها؛ لأن هذا هو الذي يجعل الإنسان في أحسن تقويم كما خلقه الله، منذ خلقه من قبضة من طين الأرض ونفخة من روح الله:
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} 1.
والتربية الإسلامية تأخذ التفتح الروحي التلقائي لدى الشباب فتوجهه إلى حب الله وخشيته، وهما الخيطان اللذان يربطان القلب البشري بالله، واللذان هما خلاصة العبادة وثمرتها كذلك:
{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} 2.
والوسيلة هي ممارسة العبادة بكل ألوانها، مع الزيادة فيها -بالنوافل والتطوع- بقدر ما تطيق نفس كل شاب، دون قهر ولكن بالتحبيب والترغيب. ففي الصلاة فروض ونوافل، وفي الصيام فروض ونوافل، وفي الزكاة فروض وتطوع، وفي الحج والعمرة كذلك.