ومن جهة مدى قدرتهم على التحرك بمفاهيمهم الإسلامية بما يقتضيه الظرف الذي يعملون فيه. ومن جهة صدقهم في العمل، ومن جهة صبرهم وعزيمتهم عند الابتلاء.
وهكذا فإن الشاب المسلم الذي يرى لافتات كثيرة تعمل للإسلام أو تتظاهر بالعامل للإسلام يجد أن بين يديه المعايير والموازين التي تمكنه من التمييز بين الخبيث والطيب، والتمييز بين المتفاضلين حتى إن كانوا كلهم طيبين, وهكذا لا يضل سعيه وهو يختار الطريق.
كذلك فإن المنهج العقلي الإسلامي الذي يتربى عليه الشاب المسلم، يعاونه على التعرف على التيارات العالمية، السياسية والاجتماعية والفكرية، دون أن تغره مظاهرها، أو تغره الصورة التي تقنع بها الحقائق وتخفى عن العيون؛ ذلك لأنه يملك من وعيه الإسلامي ما يبصره بالحقائق.
فلن يخفىي عليه مثلًا أن ما يمارسه الغرب اليوم ليس حضارة حقيقية ولكنه جاهلية، لأنه لا يتحاكم إلى شريعة الله ولا يطبق منهجه في الأرض. ولن يخدعه التقدم المادي والعلمي والتكنولوجي والتنظيمي الضخم الذي يملكه الغرب، عن انحرافاته النفسية والخلقية وخاصة في مجال التبذل الجنسي، وعن حتمية السنن الربانية التي تقرر أن مصير هذه الجاهلية إلى الدمار والبوار برغم كل قوتها الظاهرة، لأن سنة الله تقول:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} 1.
وحين يدرس التاريخ على حقيقته فلن تخدعه النشرات الإخبارية التي يسمعها هنا وهناك وهي تحدثه عن "التوسع الإمبريالي" ضد الأمة العربية وأنه هو محور الصراع والنزاع، لأنه سيعرف أنه عدوان صليبي على الأمة "المسلمة" لا ضد الأمة العربية، تسانده الصهيونية العالمية، كل لمصالحها، وكل لعداوتها التاريخية ضد الإسلام، وأن الهدف الحقيقي منها ليس امتلاك الأرض وتوسيع الرقعة "وإن كان هذا الهدف موجودًا بالفعل" إنما الهدف الحقيقي هو القضاء على الإسلام، وأنه حتى لو كان الهدف هو امتلاك الأرض