للشباب، ولا يجعله أمرًا يتلف الأعصاب ويرهق المشاعر. إنما يجعله أمرًا طبيعيًّا سهلًا ميسرًا مثمرًا مباركًا ينشر في المجتمع السعادة والخير والنماء.
أما حين تعقد الجاهلية الأمور -كما وضح "ول ديورانت" في كتابه- وتسد كل الطرق النظيفة وتفتح كل أبواب الدنس الفاحش، فهي التي تصنع الأزمة بأيديها للشباب، ثم تروح تتظاهر بالعطف عليهم والسعي إلى حل مشكلاتهم النفسية والعصبية، بمزيد من سعار الجنس المجنون!! وتصف ألسنتهم الكذب فتقول إن الدين هو المسئول عن الأزمة! والآن أصبحت أوربا بلا دين، ولم تعد هناك قيود البتة على النشاط الجنسي، سويه وشاذه سواء. فما بال المصحات العقلية عامرة بالمجانين، وما بال العيادات النفسية تزخر بالزائرين؟!
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} 1.
أما عواطف الإخاء والزمالة والعواطف الاجتماعية فقد رأينا كيف يحتفي الإسلام بها ويوجه إليها ويربي عليها. ولكن بشرط. هو أن تكون كلها في إطار الإسلام. فكلها عواطف ولاء. وولاء المؤمن محدد بالمؤمنين بعد الله ورسوله:
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} 2.
فلا ولاء لفرد أو مجتمع لا يؤمن بالله، وعلامة الإيمان هي التحاكم إلى شريعة الله:
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 3.
ولا يعرف الإسلام أوثانًا تعبد من دون الله، يكون اسمها الوطنية أو القومية أو ما شابه ذلك من الأسماء، لا تكون داخلة في إطار الإسلام، أي: في إطار التحاكم إلى شريعة الله. إنما تكون هذه العلاقات كلها مباحة - بل مطلوبة أحيانًا- في ظل تلك المظلة الكبرى وهي الإيمان بالله والتحاكم إلى