أما المؤمنون فهذه سبيلهم:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} 1.

فكل ما أحله الله ورسوله فهو حلال, وكل ما حرمه الله ورسوله فهو حرام. وكذلك المستحب والمكروه والمباح. المرجع فيها هو الله والرسول وحتى ما يجتهد فيه البشر فهم يجتهدون فيه بإذن من الله وإلا ما حق لهم الاجتهاد.

وقد كلف الله الوالدين رعاية ولدهما وهدايته إلى الإسلام. فتلك هي الحدود التي تدور فيها عواطفهما نحوه، ملتزمة بأمر الله. فلا يجوز لهما أن ينشئاه على الكفر، أو ينشئاه بلا دين ولا أخلاق كما تفعل الجاهلية المعاصرة.

وكلف الأبناء أن يرعوا حق الوالدين وأوصاهم بهما خيرًا وإحسانًا والأم بصفة خاصة. فتلك هي حدود عواطف الأبناء للآباء. فلا يجوز لهم أن يهجروا آباءهم -وخاصة في شيخوختهم- كما يفعل الأبناء في تلك الجاهلية، حيث لا يعرف الولد ولا البنت أبويهما منذ يخرجان في سن الشباب، ولا يكلفان نفسيهما الإنفاق عليهما ولو كانا معوزين وكان الأولاد من أصحاب الملايين! وأحل الله عواطف الجنس، وأشار إليها على أنها آية من آيات الله:

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 2. ولكنه اشترط أن تكون حلالًا طيبًا، لا سفاحًا ولا فاحشة ولا اتخاذ أخدان كما تفعل الجاهلية المعاصرة بصفة خاصة:

{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} 3.

{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} 4.

فليس في الإسلام كبت لعواطف الجنس، وليس فيه حجر على الشباب أن يحس بها، والمنهج الرباني المتكامل -حين يطبق في واقع الأرض- لا يجعل الجنس مشكلة كما أشرنا في الفصل السابق، ولا يجعله أزمات بالنسبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015