بل نجد بدلًا من ذلك التشجيع والإغراء على قيام "ثلل"1 من الشباب تتسكع في الطرقات لمعاكسة المارين والمارات، أو تتجمع للعب الورق ولعب القمار، أو تذهب جماعة إلى أماكن اللهو والفساد والعبث والمجون، أو تقتضي وقتها في تفاهات فارغة تكره الجد وتنفلت منه، أو تتحلق حول التلفزيون الساعات الطوال حول مسرحية عابثة أو فلم هابط. إلى أمثال هذه الألوان من النشاط التخريبي الذي يخرب بنية النفس ويحل روابطها.

عندئذ لا مناص من أن تقوم الجماعة التي تنذر نفسها للدعوة بتربية الشباب التربية الإسلامية الواجبة. ولن يكون لها سلطان بطبيعة الحال على الشباب كله، ولن تمنع سبيل الفساد في المجتمع من أن يجري مجراه ما دامت الدولة تيسر له وتشجع عليه بوسائل إعلامها ونظامها كله، ولكنها ستستخلص الفئة النظيفة من الشباب من أن يجرفها التيار الجارف، وتكون منطقة جذب دائم لمزيد من الشباب الراغب في الخروج من الحمأة الدنسة والتطهر من أرجاس الجاهلية.

ولن ترضى الجاهلية بطبيعة الحال عن هذه الجماعة، ولن يرضى "الملأ" المسيطرون على الجاهلية بوجود فئة متطهرة بين ظهرانيها، فتتصايح عليها كما تصايحت الجاهلية من قبل: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} 2 وتتصدى الجاهلية للجماعة تريد الفتك بها، ويقع الابتلاء، ويقع في الطريق شهداء، ويعذب معذبون. ويتربى الشباب في داخل المحنة، في البوتقة التي تصهر النفوس والمشاعر كما تصهر الأجساد بالعذاب. وتتم سنة الله:

{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} 3.

ويتم التمحيص الذي يعقبه التمكين حسب سنة الله:

{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015