تصبح أمورًا نظرية لا رصيد لها من الواقع، وتخيب حين تصطدم بالواقع!
كيف يتدرب الشاب على الأخوة، إذا لم يمارس الأخوة بمشاعرها الحقيقية مع "الأخوة" الذين يربطهم به هذا الرباط؟
كيف يتدرب على التعاون إذا لم يقم بهذا التعاون بالفعل مع أفراد آخرين؟ كيف يتعود أن يؤثر على نفسه إن لم يكن هناك إلا نفسه؟
إن الوجود في جماعة هو الذي ينمي هذه المشاعر, وهذه الألوان من السلوك، ثم إنه هو الذي يبرز للمربي ما فيها من نقص يحتاج إلى توجيه أو تقويم. والشاب الذي يتربى في عزلة عن الآخرين -وإن حاول أن يستقيم على المنهج السليم- تنمو بعض جوانب نفسه, وتظل جوانب أخرى ضامرة؛ لأنها لا تعمل، وقد تكون -في ضمورها- منطوية على كثير من العيوب الخفية، التي تنكشف لا محالة عندما تضطره الظروف أن يعيش في مجتمع، أو قد تكون -من عدم الممارسة- عاجزة عن العمل، ومن ثم تعرض صاحبها للفشل.
لذلك فلا بد من وجود جماعة.
فأما إن كانت الدولة مسلمة والمجتمع مسلمًا فالأمر سهل، لأنه لا يزيد على وضع الشاب في مجموعة من زملائه في شكل "أسرة" مترابطة، يتعهدها المشرف عليها بالمعايشة والمصاحبة والملاحظة والتوجيه. ويقوم معها برحلات بين الحين والحين، ويقيم معها بعض المعسكرات التي يتدربون فيها على العمل والتعاون، ويلتقي معها في دروس مستمدة من القرآن والحديث والسيرة النبوية وسير الصحابة رضوان الله عليهم، تكون كلها مجالًا للتربية والتوجيه المباشر وغير المباشر، مع القيام بشعائر التعبد في مناسباتها، فتقام الصلاة جماعة، ولا بأس من تناول "الأسرة" طعام الإفطار في رمضان معًا في بعض الليالي وإحيائها بالذكر والعبادة وتلاوة القرآن مع صلاة القيام؛ حتى تكون ليالي عبادة متميزة تترك طابعها في الوجدان. كما تتزاور الأسرة وتتعاون على القيام ببعض الخدمات الاجتماعية التي تدخل في نطاق إمكانهم. إلى أمثال هذه الألوان من الشناط التي تطبع النمو النفسي بالطابع الإسلامي الصحيح.
وأما حين نفتقد الدولة المسلمة والمجتمع المسلم اللذين يقومان بهذا التوجيه