والإسلام لا يقصر التكافل على المال. وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشير إلى ألوان من التكافل غير المال:

"إن أبواب الخير لكثيرة. التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل عن حاجته. وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف" 1.

ثم هناك التعاون:

{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 2.

والتعاون يحتاج إلى تربية، تبدأ منذ الطفولة وتأخذ حيزًا أكبر في فترة المراهقة. ولكن مجالها الأوسع هو فترة الشباب، لأنها الفترة التي يتجه فيها الشباب من ذات نفسه إلى التكتل والتجمع، والتي يملك فيها في الوقت ذاته القدرة الجسمية والنفسية والعقلية التي تجعل التعاون مثمرًا وملموس الفائدة.

وغرس التعاون يحتاج إلى التركيز على خط الغيرية, الذي ينمو من تلقاء نفسه في تلك الفترة، وضبط الخطوط الأخرى التي تعاكسه. وهي موجودة في الفطرة وجودًا تلقائيًّا، ولا ضير منها في صورتها العادية، ولكنها عرضة للتضخم المنحرف إن لم توجه التوجيه السليم. وأبرز الخطوط التي تعاكس خط الغيرية حين تنحرف هو شعور الإنسان المتضخم بذاته. ومثل هذا الشخص لا يتعاون مع الآخرين، لأنه يتوقع من الآخرين أن يخدموه لا أن يقوم هو بخدمتهم! وغالبًا ما يكون هذا الشخص قد مرد على انحرافه

هذا منذ الطفولة بأن كان طفلًا مدللًا يسارع أبواه إلى إجابة طلباته المعقولة وغير المعقولة، ويحيطانه باهتمام زائد يضخم تمركزه الطبيعي حول ذاته ثم تجيء فترة المراهقة فالشباب فتزيد انحرافه تضخمًا.

وحب السيطرة كذلك مما يفسد الغيرية ويفسد القدرة على التعاون، وهو لون منحرف من ألون إثبات الذات، يدفع صاحبه إلى الإحساس بأنه ليس في مستوى الآخرين وإنما أعلى منهم، ومن ثم فلا ينبغي أن يتعاون معهم، وإنما يأمرهم ليطيعوا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015