الصحيح في الأرض. إنما هي العمارة على أساس من القيم والمبادئ التي تليق بالإنسان. على أساس إقامة الحق والعدل الربانيين في واقع الأرض. ومن ثم يكون المتاع محكومًا بمعيار الحق والباطل والحلال والحرام، الذي هو معيار الدنيا والآخرة في ذات الوقت.

وفي خدمة هذا المنهج الواضح المفصل في الكتاب والسنة، تنمي المواهب والاستعدادات في منهج التربية الإسلامية، فتكون ذات هدف خير واضح، وتكون في خدمة الله لا في خدمة الشيطان.

ولقد نحتاج أن نتعلم من الجاهلية المعاصرة وسائلها البارعة في تنمية الاستعدادات والمواهب، وهي وسائل بارعة حقًّا، ما دام الخط قد انقطع بيننا وبين واقعنا التاريخي الذي كانت فيه الأمة الإسلامية أبرع أمة في الأرض وأحسنها استخدامًا لمواهب أبنائها واستعداداتهم الفطرية.. ولكن الذي يحدث حين نرسل أبناءنا ليتعلموا في معاهد الغرب وجامعاته وسائل تنمية هذه الاستعدادات، أنهم لا ينقلون الوسيلة وحدها كما ينبغي أن يحدث، إنما ينقلون الوسيلة ملفعة بالغاية، فيختلط الخير بالشر -ويغلب الشر- لأن أبناءنا هؤلاء -حين يعودون- يعجزون عن استخلاص الوسيلة وحدها وتطويعها لأهداف أخرى من عند أنفسهم. لأننا نرسلهم -في الحقيقة- وليست لهم أهداف ذاتية ولا منهج ذاتي يفكرون به ويسلكونه، لأننا -في حقيقة الواقع- لا نعيش الإسلام منهج حياة، فلا نملك ما نتميز به عن الجاهلية السئدة في الأرض!

ولقد كانت أوربا في بدء نهضتها ترسل أبناءها ليتعلموا العلم في مدارس المسلمين في الأندلس, والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها من أماكن الحضارة الإسلامية، فيتعلمون الوسائل وحدها ويرفضون أن يأخذوا معها أهدافها الإسلامية وهي الحق المنزل من عند الله، ويصرون -يومئذ- على باطلهم، الذي كفروا به اليوم فأسلمهم إلى الضياع. أفنكون نحن على هذه الدرجة من الهوان فنعجز عن فصل الوسائل عن الغايات المنحرفة التي تتلفع بها، ونصر على أن نتبع أوربا في طريق ضياعها, ونحن نملك الحق المنزل من عند الله؟!

وتحدثنا عن النمو النفسي الذي ينقل اهتمامات الشاب من محيطها الضيق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015