والدولة المسلمة حين يقومان، وتستخدمها الجماعات الداعية إلى الإسلام في الوقت الحاضر، لخدمة الأهداف الإسلامية في جميع ميادين الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والعلمية والعملية، وفي ميدان الدعوة كذلك، وهو ميدان واسع وبالغ الأهمية، فنحن نعيش في عصر صراع الدعوات "التي يسمونها أيديولوجيات" والذي تستخدم فيه كل وسائل الدعوة الظاهرة والخفية، ويحتاج من المسلمين إلى جهد فائق لتمييز الحق من الباطل، لذات أنفسهم وللبشرية كافة.

وهنا كذلك يتميز المنهج الإسلامي عن المناهج التربوية الأخرى التي تعني عناية ملحوظة بتنمية المواهب والاستعدادات، كما رأينا تميزه من قبل في العناية بالطاقة الجسدية للشباب.

إن المواهب -كل المواهب- هي كما قلنا طاقات يمكن أن تستخدم للخير كما تستخدم للشر. وجميع الأمم والمجتمعات تعلم ذلك، ولكنها تختلف في تقدير "الخير" و"الشر" باختلاف المفهوم الذي تعيش به، وباختلاف نظرتها إلى غاية الوجود الإنساني.

فأما إن كانت غاية الوجود الإنساني مجهولة كما يقول الشاعر الجاهلي المعاصر:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ... ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت

فكل إنسان إذن وشأنه. والموهوب وموهبته يتصرف بها كيف يشاء! لا معيار للخير أو الشر على الإطلاق!

وأما إن كانت غاية الوجود الإنساني أن يحقق ذاته فردًا مستقلًّا قائمًا بذاته على حساب الجميع, وعلى الرغم من الجميع كما تقول وجودية سارتر1، لأن الوجود الإنساني كله لا غاية له, والوجود الكوني لا غاية له، فلم يبق إلا أن يحقق الإنسان وجوده الذاتي على هذه الصورة، فالمواهب والاستعدادات كلها عبث، ولا مجال للحرص على أي شيء منها في هذه الحياة، إلا بقدر ما تعين صاحبها على سحق الوجود البشري كله لتبقى الذات المفردة لصاحبها!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015