كما يطلق عليه" ويستحثه على القول، ويقول له: "قل وروح القدس معك" وهو أكبر تشجيع له وأكرم تشجيع.

فلم تكن الموهبة في ذاتها إذن، إنما طريقة السلوك بهذه الموهبة، هي التي تضعها في سجل الخير أو سجل الشر، والتي تجعلها مطلوبة ومرغوبة أو منبوذة ومذمومة.

وهنا -بالنسبة للشعر- يعرض سؤالان، نجيب عليهما لأنهما في نظرنا داخلان في منهج التربية الإسلامية:

ألا نقدر الفن ذاته كفن، بصرف النظر عن الموضوع الذي يتناوله؟!

ثم.. هل نريد الشعر -أو الفن عامة- وعظًا ودعوة إلى مكارم الأخلاق, لكي نبيحه ونشجع الشاب الموهوب عليه، وإلا قتلنا موهبته وضيعناها؟

فأما الفن للفن فهي صيحة جاهلية لا يقرها الإسلام ولا يتقبلها. بل إن الشيوعية ذاتها -وهي جاهلية- قد رفضت أن يكون الفن عاريًا من الالتزام, ولكنها حددت مجال الالتزام في حدود جاهليتها وحدها، أي: الحديث عن الشيوعية وعن صراع الطبقات, وعن آلام الطبقة الكادحة المسحوقة تحت ضغط الإقطاع والرأسمالية! وحرمت -مثلًا- أن يكون الحديث عن آلام هذه الطبقة من الزاوية "الإنسانية" فهذا في نظرها عبث فارغ لا يؤدي إلى شيء؛ لأن الإنسانية خرافة! إنما ينبغي أن يكون الحديث من خلال صراع الطبقات لكي يتفجر الحقد الطبقي وتثور الطبقة الكادحة, وتسحق ما عداها من الطبقات!

والإسلام يرفض أن يقيم مفاهيمه على هذه الأسس المريضة الضيقة المحدودة الآفاق، وهو الذي يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 1.

ويقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} 2.

إنما يكره الإسلام الظلم، ويدعو إلى إزالته، ويندد بالساكتين عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015