فيتلقى الشاب -بدافع الإعجاب- من مصدر لا ينبغي التلقي عنه، ثم يعتد بما يتلقاه عن هذا المصدر إلى درجة التعصب، كأن الأفكار أو الأفعال التي يتعصب لها هي أفكاره الذاتية وأفعاله الذاتية!

ونحن -حتى الآن- نستعرض ملامح هذه المرحلة كما توجد عادة في نفوس الشباب، ولم نتحدث بعد عن الشاب المسلم وعن التوجيه الإسلامي لتلك الملامح والسمات، وإن كنا نستطيع أن نقدر -سفلًا- موقف المنهج الإسلامي مما يحدث في الفطرة من انحرافات.

تحدثنا حتى الآن عن النمو الجسدي، ونمو الاستعدادات والمواهب، والنمو النفسي، والنمو العاطفي، والنمو العقلي، وبقي أن نتحدث عن النمو الروحي.

لقد بدأ هذا النمو في فترة المراهقة، وهو هنا يتسع ويتعمق.

قل إن شئت إن البذرة الأولى لتفتح الفطرة لخالقها قد بدأت مبكرة في مرحلة الطفولة حين بدأ الطفل يتساءل عن أسرار الكون من حوله, ويريد أن يعرف من الصانع لهذا الوجود كله. لكن الصلة الوجدانية بالخالق قد أخذت صورة أوضح وأدق مع التفجر الذي حدث في كيان الفتى في سن المراهقة، حين تفجرت الطاقات معلنة عن وجودها, كما تنبثق الأزهار في الشجرة خارجة من أكمامها لتحمل الثمرة فيما بعد.

وهناك في تلك المرحلة جاء التكليف الرباني، الذي يفرض على الإنسان -رجلًا أو امرأة- في سن البلوغ. جاء وقد أعد له فاطر هذه الفطرة سبحانه. أعد له بهذا الانبثاق الروحي الذي يصحب مرحلة البلوغ.

والآن نجد هذه الطاقة الروحية في أصفى حالاتها "ما لم تتدخل الجاهلية تدخلًا جذريًّا لإفسادها".

إنها فترة تدين وبحث في أمور الدين.

فترة رغبة في التعرف الواعي على الخالق -سبحانه- بصفاته وأسمائه وأفعاله، ومحاولة الاقتراب إلى أقصى المدى من حقيقة الألوهية.

فترة نظر في الوجود ومحاولة التعرف على أسراره.

فترة حب فياض للكائنات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015