الفترة ما لم يجد التوجيه التربوي السليم الذي يعوده على الانضباط ويقوم بين يديه المعايير.

ومع ذلك الاعتداد بالذات، والاعتداد بالعلم، والاعتداد بالرأي، والاعتداد بالقدرة على النظر في الأمور، فإنه في نفس الشاب كما كان في نفس المراهق من قبل قابلية شديدة للاستهواء! بل ربما كانت أوسع مدى وأعمق غورًا من قابلية المراهق لها.

هنا إعجاب شديد بالبطولة والتفوق، إن لم يضبط ضبطًا سليمًا فهو عرضة للانحراف الشديد، الذي يصل إلى "عبادة" البطولة في كثير من جاهليات التاريخ قديمها وحديثها سواء. وليس هتلر إلا نموذجًا واحدًا من نماذج الجاهلية المعاصرة وغيره في عالم السياسة كثير. غير أن الجاهلية المعاصرة قد هبطت هبوطًا شائنًا بمستوى "البطولة"، وعبثت عبثًا ماجنًا بقابلية الشباب للاستهواء، فجعلت ممثلي السينما "وممثلاتها" الرقعاء هم الأبطال الذين يجرون الشباب عن طريقهم من خيط الاستهواء ليلقوا بهم في حمأة التفسخ النفسي والفساد الخلقي والتفاهة والتميع والانحلال!

وبصرف النظر عن هذه الجاهلية بالذات، فإن هذه القابلية الشديدة العميقة للاستهواء هي التي تجمع الشباب حول القادة والزعماء، وحول الفنانين والكتاب، وحول المفكرين والعلماء، سواء كان التجمع فكريًّا أو عاطفيًّا يبدو في إظهار الأعجاب بما يصدر عنهم من أقوال أو أفعال، والتحمس له، والدفاع عنه ضد المعارضين والمنتقدين، أو تجمعًا حركيًّا في القضايا السياسية والاجتماعية. يصل كلاهما إلى التعصب أحيانًا وإلى العدوان.

وظاهرة الاعتداد بالذات والاستهواء للآخرين -رغم تناقضهما الظاهري- موجودتان بصورة طبيعية في الفطرة، لأنهما خطان من الخطوط المتقابلة في النفس البشرية، يتم عن طريقهما -في الفطرة السوية- التلقي من المصادر الجديرة بالتلقي عنها، والإيجابية اللازمة للحركة في ذات الوقت1، ولكنهما عرضة للانحراف ككل خطوط الفطرة حين يعوزهما التوجيه التربوي الصحيح،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015