أما الشاب فقد اقترب من الصورة أو اقتربت منه الصورة حتى صارت في البؤرة وصارت محل التركيز.
إنه اليوم مشغول بالمجتمع من حوله، ومشغول بالبشرية! "مشغول بالآخرين"! ما سبب تعاسة الناس في الأرض؟ ما سبب ما يقع على البشر من مظالم؟ هل السبب كامن في الناس أنفسهم؟ أم في حكامهم؟ أم في النظم السائدة بينهم؟
ومن أين يبدأ الإصلاح والتغيير لإزالة الظلم والشقاء في المجتمع القريب أو في البشرية كلها على السواء: يبدأ من إصلاح الناس، أو إصلاح الحكام، أو إصلاح النظم؟
وما طريق الإصلاح لهذا كله؟ وما المبادئ التي يقوم عليها الإصلاح؟ ومن -من الجماعات أو الهيئات أو الأحزاب أو التكتلات- هو أقومها مبادئ، وأقومها طريقة، وأقربها إلى تحقيق الإصلاح المنشود؟
ومن هذا الخيط يسعى الشباب من جانبه إلى "الانتماء"، كما تتسارع الجماعات والهيئات والأحزاب والتكتلات إلى جذب الشباب إليها من هذا الخيط ذاته؛ لأنها تعلم وجوده، وتستغل وجوده، ثم تمضي بالشباب بعد ذلك في طريق الهدى أو في طريق الضلال. في طريق الله أو في طريق الشيطان، وما أقل فيها من يتجه إلى الله، وما أكثر من يتجه إلى الشيطان. والشباب في الحالتين منقاد بإخلاصه الذاتي لمن يظن أنه على يديهم يتم الخلاص, ويبيت يحلم "بالبطولة" عن هذا الطريق.
وتصل مشاعر الشباب في هذه الأمور إلى درجة الحماسة المتوقدة وإلى درجة الفدائية والتضحية بالنفس في سبيل ما يرى أنه الحق. وتستغل الجماعات والدول هذه المشاعر لما تريد تحقيقه من خير حقيقي أو خير مزيف أو شر صريح! فتجند طاقة الشباب وحماسته وفدائيته في الطريق الذي تريد، فيسخو الشباب بما يراد منه من جهد أو مال أو تعرض للخطر أو بذل للدماء، ومن أجل هذا تستكثر التكتلات الحركية من الشباب بين أعضائها، ومن أجل ذلك أيضًا تجند الدول جيوشها من الشاب.
وإذا كانت هذه هي الصورة العامة, فلا ينفي ذلك وجود حالات شاذة نادرة ينحرف فيها إحساس الشباب "بالآخرين" إلى بغض وكراهية، أو