وهو وليد حين حاول الكلام أول مرة، وحين حاول المشي أول مرة، وحين بدأ ينطق بعض الكلمات بالفعل، وحين خطا خطواته الأولى بالفعل؟!

ألم يفجأنا بعد ذلك حين استقامت لغته واستقام مشيه وجريه وصعوده وهبوطه؟ ألم يفجأنا وهو يفك لعبته ويحاول إعادة تركيبها، وحين حاول أن يركب الدراجة أو يقفز فوق السور؟ ألم يفجأنا حين بدأ يتعلم القراءة ويتعلم الحساب؟

ألم يفجأنا حين ذهب إلى السوق أول مرة وعاد؟ وحين ذهب إلى المدرسة وعاد؟ وحين بدأ يستذكر دروسه؟

ألم يفجأنا -في مراهقته- بتغيرات جسده ونفسه وشعوره وفكره؟!

بل! وهو اليوم يفجؤنا كذلك بما يجد من شئونه! ولكنه ليس -كما يرى هو من نفسه- كائنًا جديدًا كل الجدة هبط اللحظة من السماء! ذلك أنه يعي أحواله -عن كثب- لأول مرة، أما نحن فنعي أحواله -عن كثب- منذ هو في "اللفة" وليد!

ومع ذلك فكمية التغير التي نلحظها ضخمة وهائلة، وإن كانت كما قلنا من قبل لا تتعلق بإضافة عناصر جديدة لم يكن لها وجود من قبل, بقدر ما تتعلق بالزيادة والبروز فيما هو كائن من قبل بالفعل.

فأما الشاب فقد بدأت عضلاته تبرز، وبدأ هو كذلك يهتم بإبراز عضلاته، إنه يمارس ألوانًا من الرياضة البدنية بغير ملل، يصرف فيها جزءًا من طاقته الحيوية الفائضة، ويستكمل بها في ذات الوقت نموه الجسمي وقدراته الجسمية، من رشاقة الحركة والتوازن والصلابة والاحتمال.

وتختلف الميول الرياضية كثيرًا من شاب إلى آخر. فهذا يحب كرة القدم، وهذا يحب كرة السلة، وهذا يحب "العقلة" و"المتوازيين" وهذا يحب رفع الأثقال، وهذا يحب ركوب الدراجة، وهذا يحب ركوب الخيل، وهذا يحب السباحة أو التجديف. ولكن الأغلب أن تكون للشاب ممارسات رياضية مختلفة مع هواية محببة غالبة عليه.

ولا يمنع هذا من وجود حالات شاذة لا تميل إلى الرياضة لأسباب جسدية أو أسباب نفسية.

فأما الأسباب الجسدية فقد تكون ضعفًا وراثيًّا أو مكتسبًا نتيجة أمراض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015