قبل ذلك بعام أو عامين؛ لأن عندهم استعدادات فائقة، وتبكيرًا في النمو، وأن أفرادًا آخرين يتأخرون بعض الشيء في نقطة البدء، أي: يظلون في فترة المراهقة مدة أطول.

ثم ينبغي أن نعلم كذلك أن المرحلة ذاتها تختلف بالنسبة للفتيات. فإذا كانت بداية المراهقة واحدة بالنسبة للبنين والبنات فإن الانتقال منها إلى مرحلة الشباب الباكر أسرع بالنسبة للبنات، لأن نموهن الجسدي أسرع بكثير، والنمو النفسي يتواكب مع النمو الجسدي كذلك فيسبق مثيله عند الأولاد، ومن هنا فلا تلبث الفتاة أن تكون مراهقة حتى تكون شابة! وقد يظل نموها العقلي في طريقه المتدرج ولكن نموها النفسي والعاطفي ينضج أسرع. فإذا أخذنا فتى وفتاة في سن السابعة عشرة فقد يكون مستواهما العقلي واحدًا أو متقاربًا، ولكن نموهما النفسي لا يكون كذلك. فبينما الفتى تبدو عليه بقايا الطفولة التي يحاول إخفاءها ليظهر بمظهر الرجال، فإن البنت لا يمكن أن تخطئها العين فتحسبها طفلة، سواء في تكوين جسدها أو تصرفها كأنثى، إنما غاية ما يقال فيها إنها أنثى صغيرة، بينما لا يقال للولد -بعد- إنه رجل صغير!

وبالإضافة إلى ذلك فإن خط النضج ذاته مختلف.

فليست المسألة فقط أن الفتاة تنضج أسرع من الفتى، ولكنها كذلك تنضج على خط مخالف، رغم وجود سمات عامة مشتركة بين الذكور والإناث في هذه المرحلة وفي كل مرحلة من مراحل العمر كله.

ولحكمة عليا خلق الله هذا الاختلاف، ليتهيأ كل من الجنسين لوظيفته وتكاليفه. فإذا كانت الجاهليات -أو الجاهلية المعاصرة بصفة خاصة- تريد أن تغير خلق الله، وتبذل في ذلك أقصى جهدها، فليست العبرة بما تصنعه الجاهلية في هذا السبيل، إنما العبرة بالنتائج المترتبة على معاكسة خط الفطرة وتغيير خلق الله. أهي نتائج سعيدة وسارة؟ أم إنها -كما يشهد واقع المجتمعات التي تحكمها هذه الجاهلية- هي الحيرة والقلق والاضطراب والضياع، والأمراض النفسية والعصبية والانتحار والجنون، والشذوذ والتشرد والجنوح الإجرامي، وزيادة نسبة الطلاق، وتفكك الأسرة، والشقاء الذي يهرب منه الناس بالإدمان على الخمر والإدمان على المخدرات؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015