الفترة التي توضع فيها الأسس التي ترتكز عليها الشخصية فيما بعد، وكانت فترة المراهقة في حاجة إلى رعاية شديدة كذلك؛ لأنها مرحلة تفجر في كيان الطفل، إن لم توجه له العناية فهو عرضة أن يدمر هذا الكيان وينشئه في طريق محفوف بالمخاطر. فإن مرحلة الشباب الباكر أشد حاجة إلى الرعاية؛ لأنها فترة تكوّن الثمرة المؤدي إلى النضج، وما لم تتعهد الثمرة فإن جهد الغرس كله يمكن أن يضيع!
وبسبب الخصوبة الفائقة في تلك الفترة تكون الحاجة الشديدة إلى الرعاية، لأنها يمكن أن تكون خصبة في الشر مثلما يمكن أن تكون خصبة في الخير، والتوجيه الرشيد هو الذي يستطيع أن يغلب احتمال الخير، ويجعل الثمرة تنضج -في موعدها- على سواء، بينما الغفلة والإهمال، أو التوجيه الخاطئ، يمكن أن يؤدي إلى تغليب احتمال الشر، وتخريج شخصية شاذة أو منحرفة يشقى بها صاحبها ويشقى معه أهله، وقد يشقى بها المجتمع أو تشقى به البشرية!! وكم من طغاة التاريخ الذين تسميهم الجاهلية "عظماء! " قد تلقوا بذور انحرافاتهم في هذه الفترة الخطيرة من العمر. ثم تلقفتهم الشياطين! 1.
تبدأ المرحلة التي نحن بصددها من نهاية المراهقة وتنتهي بمرحلة النضج، وإذا كان من العسير أن نحدد حدودًا حاسمة لأي مرحلة من مراحل العمر؛ لأنها جميعًا متداخلة بعضها في بعض، ومتدرجة بعضها من بعض، فإن هناك حدودًا تقريبية لكل مرحلة، لا تخطئ العين رؤيتها وتقديرها، وإن كانت تختلف مع ذلك اختلافات فردية من إنسان إلى آخر.
والذي يغلب على مجموع الأطفال أن تبدأ مرحلة المراهقة ما بين الثانية عشرة والثالثة عشرة، وأن تنتهي ما بين السابعة عشرة والثامنة عشرة, لتبدأ مرحلة الشباب الباكر، التي تستغرق ما بين هذه السن إلى ما بعد العشرين بسنوات.
فإذا افترضنا بصفة عامة أن الشاب الذي نتحدث عنه الآن هو ما بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين، فلا ينفي ذلك أفرادًا من الشباب يبدءون