ولكن الفطرة أعمق وأصدق وأعصى من كل هذه المحاولات!
يقول الدكتور "ألكسيس كاريل" في كتابه "الإنسان ذلك المجهول": "إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص بالأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم، إذ إنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك. إنها تنشأ من تكون الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيماوية محددة يفرزها المبيض. ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن المرأة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليمًا واحدًا، وأن يمنحها سلطات واحدة ومسئوليات متشابهة. والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الرجل. فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها. والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها، وفوق كل شيء بالنسبة لجهازها العصبي. فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للانثناء، شأنها شأن قوانين العالم الكوكبي, فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي، فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعًا لطبيعتهن، دون أن يحاولن تقليد الذكور. فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فيجب عليهم ألا يتخلين عن وظائفهن المحددة" "ص114 من الترجمة العربية".
"إن دور الرجل في التناسل قصير الأمد. أما دور المرأة فيطول إلى تسعة أشهر. وفي خلال هذه الفترة يغذى الجنين بمواد كيماوية ترشح من دم الأم من خلال أغشية الخلاص. وبينما تمد الأم جنينها بالعناصر التي تتكون منها أنسجته، فإنها تسلم مواد معينة تفرزها أعضاء الجنين. وهذه المواد قد تكون نافعة وقد تكون خطرة. فحقيقة الأمر أن الجنين ينشأ تقريبًا من الأب كما ينشأ من الأم، وأن مخلوقًا من أصل غريب جزئيًّا يتخذ له مأوى في جسم المرأة، فتتعرض المرأة لتأثيره خلال فترة الحمل. وقد تتسمم المرأة في بعض الأحيان بواسطة جنينها، كما أن أحوالها الفسيولوجية والنفسية تكون دائمة التغير بتأثيره. صفوة القول إن وجود الجنين، الذي تختلف أنسجته اختلافًا كبيرًا عن أنسجة الأم، بسبب صغرها من ناحية، ولأنها -جزئيًّا- من أنسجة زوجها، يحدث أثرًا كبيرًا في المرأة. وإن أهمية وظيفة الحمل والوضع بالنسبة للأم لم تفهم حتى الآن بدرجة كافية، مع أن هذه الوظيفة لازمة لاكتمال