فيما بين الثالثة عشرة والرابعة عشرة في الغالب1، فإن النمو بعد ذلك لا يأخذ طريقًا متساويًا عند البنين والبنات، فبينما تسرع الفتاة فتأخذ تمام نضجها الجسدي ابتداء من السادسة عشرة أو السابعة عشرة، يتأخر الفتى فلا يصل إلى مثل هذا المستوى من النضج قبل العشرين أو الحادية والعشرين.

وبينما يكون الشبان -على الرغم من المسحة العاطفية التي تشمل الجنسين في تلك الفترة- أكثر اهتمامًا بالمسائل العامة، سياسية واجتماعية وبشرية، وأكثر ميلًا إلى التفكير الفلسفي والعقلي، وأكثر اهتمامًا بتغيير الواقع وإصلاحه، تكون الفتيات أكثر انشغالًا بأمور ذات صبغة خاصة أو عائلية، وأكثر انسياقًا مع الأمور العاطفية، وأكثر إحساسًا بنتائج التغير الجسدي الذي يصل سريعًا إلى مرحلة النضج, فتكون أكثر انشغالًا بهندامها وزينتها, وأكثر تفكيرًا في الزوج المرتقب أو الخطيب، وأكثر استعدادًا لبدء الحياة البيتية التي تحلم بها، التي يكون لها فيها كيان مستقل وزوج وأولاد.

والجاهلية المعاصرة تكره أن تقر بهذا الواقع، لأن لها مخططات لا يناسبها الإقرار به ومسايرته. ومن ثم فهي إما أن تتجاهله وإما أن تنفيه أو تحاول العمل على تغييره.

ومن بين وسائل التغيير التي تحاولها توحيد برامج الدراسة وتوحيد مراحلها وسنواتها كذلك.

فتوحيد برامج الدراسة تحاول به هذه الجاهلية أن تبث "الاسترجال" في عقل المرأة على خط مضاد لخط أنوثتها المتميزة، إذ إنها برامج رجالية في الأصل، فصلت على قد الرجل وقصد بها إعانته على أداء وظائفه، والمرأة تدفع إليها دفعًا سواء كانت مناسبة أو غير مناسبة لطبيعتها. وتوحيد سنوات الدراسة ومراحلها تهدف به إلى تأخير سن التخرج بالنسبة للفتاة. وبالتالي تأخير سن الزواج عن اللحظة التي يكتمل نموها الجسدي وتكون كاملة الخصوبة وكاملة الاستعداد.

ويبرر هذا بمبررات ظاهرية كثيرة ومتنوعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015