وهذه المرحلة في حياة الإنسان أقرب شيء إلى ذلك. إن ملامح الشخصية قد بدأت تبرز. وهناك تغير مستمر يطرأ عليها لا يتوقف. ولكنه لا يغير الملامح الرئيسية بقدر ما يركزها ويزيدها بروزًا، حتى تصل إلى صورتها المتكاملة. إنه لا يضيف عناصر جديدة بقدر ما يقوي ويركز ويصقل العناصر الموجودة بالفعل. وهذا هو الذي يميزها أساسًا عن المرحلتين السابقتين. فالتغير في مرحلة الطفولة هو تغير إضافة مستمرة. إضافة عناصر جديدة لم تكن موجودة من قبل "أي: كانت كامنة لم تظهر بعد، كما تكون الزهرة كامنة في كمها لا تراها العيون" والتغير في مرحلة المراهقة هو تغير إضافة كذلك. ففي الجسم تنمو أعضاء كانت ساكنة من قبل وتؤدي وظائف جديدة لم تكن تكن تؤدى من قبل, وفي النفس تتفجر مشاعر وعواطف من نوع جديد لم يكن موجودًا من قبل، واهتمامات جديدة مفاجئة. ولكن الذي يفرقها عن مرحلة الطفولة أن الإضافات هنا حادة ومتفجرة. وفي الطفولة كانت تدريجية وبطيئة.
أما مرحلة الشباب الباكر التي تؤدي إلى النضخ، فهي مع حيويتها الفائقة وخصوبتها، فإن الإضافة الهامة فيها هي الإضافة التي توسع وتعمق ما هو موجود بالفعل من الناحية الجسدية والعقلية والنفسية والروحية، أكثر مما هي إضافة عناصر جديدة لم تكن موجودة من قبل.
وليس معنى هذا أنه لا تضاف عناصر جديدة إلى الشخصية! كلا! فهناك إضافات هامة وخطيرة وحيوية. بل معناه فقط أن الصورة الحقيقية للإضافة ليست كما يراها الشاب من زاوية رصده الخاصة حين ينظر إلى نفسه، فيظن أن كل شيء فيه قد تغير، وأنه يفتح كل يوم آفاقًا جديدة ويكتشف من نفسه جديدًا كل يوم!
إنما السبب في هذه الرؤية التي يراها الشاب في نفسه أن الآن قد دخل في مرحلة الوعي. فهو يعي أحاسيسه وأفكاره، ويعي التغيرات التي تطرأ على نفسه وفكره وجسمه وروحه، فيخيل إليه أنها جديدة جدة كاملة، وأنها قد نبتت في كيانه فجأة بغير جذور سابقة!
أما الذي يرقب الأحوال من الخارج فإن له رؤية أخرى!
صحيح أنه جدت -وتجد- أشياء جديدة لم يكن لها وجود واضح من قبل، ولكن معظم التغير الحادث هو في الحقيقة إضافة على الخطوط الموجودة