ينتمي -فهو ينتمي بكل إخلاصه وكل مثاليته وكل جهده وكل حيويته، وكل رغبته الحقيقية العميقة في الإصلاح والتغيير.
فترة خصبة لا تتكرر في حياة الإنسان.
والحق أنه لا توجد مرحلة تتكرر! فالطفولة لا تتكرر، والمراهقة لا تتكرر، كما أن هذه المرحلة أيضًا لا تتكرر. ولكن الإنسان حين يدلف إلى الشيخوخة ويعاوده الحنين إلى ما مر من سنوات العمر. فقليلًا ما يفكر في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو يتمنى العودة إليها، ولكنه دائمٌا يحن إلى مرحلة الشباب. ذلك أنها تتميز بالحيوية والوعي في آن واحد. ولئن كان الوعي يظل مع الإنسان بعد ذلك. بل يزيد ويتركز، ويصبح هو أهم ما يملكه الإنسان مع الخبرة المتزايدة، إلا أن الحيوية هي التي تظل تتضاءل حتى تخفت. ومن هنا يتمنى الشيخ -الذي يملك الوعي- أن يسترد ما فقده من حيوية الشباب!
ولئن كانت مرحلة الطفولة مرحلة نمو وتغير دائم لا يتوقف، حتى إن اليوم الواحد قد يضيف مزيدًا من النمو في بعض الأحيان، سواء في مرحلة المشي أو مرحلة النطق أو مرحلة التقاط الخبرات وظهور الاستعدادات.
ولئن كانت مرحلة المراهقة مرحلة تفجر جسدي وروحي مع النمو العقلي المتزايد.
فإن مرحلة الشباب الباكر الممتدة حتى النضج هي مرحلة نمو من نوع متميز.
ليس فيها التغير السريع الذي يميز مرحلة الطفولة، ولا التفجر المتقلب الذي يصحب مرحلة المراهقة، إنما فيها النمو المفضي إلى النضج وهو لون خاص غير اللونين السابقين.
أرأيت إلى الثمرة كادت تنضج؟! إن فيها كل ملامح الثمرة الناضجة أو معظمها، ولكنها لم تنضج بعد. وهي تتغير -إذا لاحظتها- يومًا بعد يوم، ولكنها تتغير وهي -تقريبًا- على صورتها! وإن التغير الذي يحدث فيها لعظيم الأهمية ولا شك، لأنه هو الذي يؤهلها لأن تصبح ثمرة ناضجة نافعة مرغوبة ومطلوبة. ولكنه لا يكاد يغير شيئًا من ملامحها الأصيلة، إنما يركز كل شيء فيها حتى تصبح في النهاية مكتملة النمو.