عليها من قرب، يتشرب روحها، ويتعلم أساليبها، ويتدرب عليها سرًّا، حتى إذا آنس في نفسه القدرة أخذ في المغامرة حتى يصبح واحدًا من أفراد العصابة، يشارك في نشاطها المخرب، ويفاخر بذلك أمام أقرانه.
أما الفتاة فهي عرضة للانحراف الخلقي -الجنسي- بصفة خاصة، وإن كانت الجاهلية الحديثة -أو المخطط الشرير لإفساد البشرية- قد أشركتها كذلك في عصابات السرقة والقتل والسطو والتخريب.
وتجيء السينما والتلفزيون فيخدمان كل الأهداف الشريرة لذلك المخطط الشرير، فتصور الجرمة -سواء جريمة الجنس أو جرائم السرقة والسطو وقطع الطريق.. إلخ- تصويرًا مغريًا في صورة "بطولات" فتزيد الفتنة اشتعالًا بالنسبة للفتى والفتاة، وتهيئهما للجريمة، إما في سنهما الباكرة تلك، وإما في المرحلة التالية مباشرة، حيث تكون بذرة الشر قد تعمقت في النفس في انتظار الفرصة المواتية.
ومن هنا تصبح القابلية للاستهواء خطرًا عظيمًا في الجاهلية. لا لأنها خطرة في ذاتها، ولكن لأن التوجيه الجاهلي المدمر هو الذي يسمها بسمة الخطورة ويوجهها وجهة الشر.
أما في ظل المنهج الرباني، وفي المجتمع المسلم الذي يطبق المنهج الرباني، فإن هذه القابلية الشديدة للاستهواء تكون عونًا هائلًا للمربي، يستخدمها في تقويم النفس التي يربيها، وبنائها البناء الصحيح. فإنما هي طاقة تصلح للتوجيه للخير كقابليتها للتوجيه للشر. وحيث توجهها الجاهلية إلى الجريمة والانحراف، فإن المنهج الرباني يوجهها إلى البطولات الحقيقية ذات المستويات الرفيعة في كل اتجاه، فتنجذب إليها وتعجب بها وتسعى إلى محاكاتها فيكون الخير في كل حال، سواء وصل الفتى والفتاة إلى تلك المستويات الرفيعة بالفعل، أو وقفت المحاولة عند حد معين، هو -على أي حال- خير من عدم المحاولة، وخير من قدوة السوء!
ولكن "المشكلة" ستظل قائمة بالنسبة للمربي المسلم الذي يربي فتاه أو فتاته في ظل الأوضاع الجاهلية! فنزعة الاستهواء القائمة في نفسيهما عرضة لأن تلتقط شيئًا من الشر الذي يغمر المجتمع الجاهلي ويلون كل تصرفاته. ويحتاج الأمر إلى جهد زائد يبذل في تحويل هذه النفوس الصغيرة الغضة