فمنهج التربية الإسلامية يستغل هذه القابلية الطبيعية للاستهواء في هذه المرحلة، ليجذب منها الفتى والفتاة إلى خط الصعود وإلى الفضيلة وإلى القيم العليا والمبادئ الإنسانية الرفيعة.

إن الله هو الذي خلق الطاقات والاستعدادات في النفس، وخلقها لتؤدي مهمة معينة في التكوين النفسي للإنسان. وحين يكون منهج الله هو الذي يطبق في الأرض، يكون كل شيء في موضعه في داخل النفس وفي واقع الحياة. ولا تكون الطاقات والاستعدادات مصدر خطر على الكيان البشري، إنما تكون قوة بانية مفيدة.

وحقيقية إن الكيان البشري -في صورته الطبيعية- قابل لأن يطرأ عليه المرض كقابليته للصحة والاستقامة:

{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 1.

ولكن التربية الإسلامية على منهج الله هي التي تعين الإنسان على تزكية نفسه، أي: تقويمها على الفطرة السليمة.

وهذا الاستعداد الشديد للاستهواء في تلك المرحلة من العمر لم يخلقه الله عبثًا. ولم يخلقه ليكون "مشكلة" للإنسان، ولا ليكون -في ذاته- مصدر خطر عليه. ولكنه -ككل ما أودع الله في الفطرة من الطاقات والاستعدادات- يؤدي مهمته في البناء السليم للنفس حين يوجه التوجيه الصالح، على هدى المنهج الرباني؛ ويكون خطرًا عظيمًا مدمرًا حين يوجه التوجيه السيئ على هدى المناهج الجاهلية.

وهذه مسألة هامة ينبغي التنويه عنها. فإن مناهج الجاهلية في التربية وعلم النفس كثيرًا ما تشير إلى استعداد معين أو طاقة معينة في الكيان البشري على أنها -في ذاتها- خطرة، أو أنها -في ذاتها- مشكلة. وهذا ليس صحيحًا على الإطلاق. والمسلم -مربيًّا كان أو دارسًا- ينبغي أن يستمد حقائق حياته من كتاب الله وسنة رسوله، لا من أي مصدر من تلك المصادر الجاهلية التي تغير الحقائق جهلًا أو عمدًا لغاية خبيثة. والمصادر الربانية تقول إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015