والمغريات الميسرة لها ضغطها على الأعصاب.
والقدوة السيئة في المجتمع كله، صغيره وكبيره، لها ضغطها على الأعصاب.
ولا حيلة للمربي في ذلك كله؛ لأنه لا يستطيع أن يغير شيئًا منه. إنما حيلته الوحيدة أن يقوي الجسور في البنيان النفسي لفتاه وفتاته لكي تقاوم الفيضان!
وسيلته هي تعميق الإحساس بالله في نفس الشخص الذي يربيه -فتى كان أو فتاة- وأن يحاول أن يجعل حب الله ورسوله أثقل في قلبه من ضغط المجتمع كله، وطاعة الله ورسوله أحب إليه من طاعة المجتمع كله.
ووسيلته أن يكون "صديقًا" لمن يربيه، وأن يجعل الصلة التي تربطه بالبيت أقوى وأثقل من الصلة التي تربطه بالمجتمع، وأن تكون صلة المودة بين الولد وأبيه، وبين الفتاة وأمها كافية "للمكاشفة" التي يمكن عن طريقها تصفية الضغط الزائد عن الحد، والتوجيه إلى اجتناب ما تغرق فيه الجاهلية الدنسة من الأوزار.
ووسيلته هي شغل الوقت في الطاعات والعبادات، والدراسات النافعة الشاغلة عن تفاهات الجاهلية وقذاراتها، واستنفاد الطاقة فيما يقوي الجسد على احتمال الجهد, ويقوي الروح على مقاومة الغواية.
ووسيلته هي الغسيل اليومي الدائم لأدران المجتمع الجاهلي قبل أن تلصق بالنفس.
وبعد ذلك فقد يثمر هذا الجهد كله ثمرته المطلوبة.. وقد يقصر ...
وفي كلا الحالين لا خيار.
إنه لا بد من بذل الجهد. والثمرة من عند الله!
ومن "مخاطر" تلك الفترة كذلك القابلية الشديدة للاستهواء.
ففي هذا السن يكون الفتى والفتاة قابلين للاستهواء بسهولة، لمن هم في سنهم، ولمن هم أكبر منهم، ولمن هم أشخاص خياليون في القصص والمسرحيات، ولمن هم أشخاص حقيقيون في التاريخ.
وهذه ليست "مشكلة" في الإسلام، ولكنها على وجه التأكيد مشكلة في الجاهلية.