وفي المجتمع المسلم تكون المسألة ميسرة برغم ما فيها من جهد؛ لأنه الجهد الواقع في حدود الطاقة، والضروري في ذات الوقت لمنع الفطرة من الترحل والتفكك والانحلال.
أما في المجتمع الجاهلي، وبصورته التي هو عليها في جاهلية القرن العشرين خاصة، فالأمر غاية في المشقة، ومجهد أشد الجهد. ولكنه مع ذلك غير داخل في دائرة الكبت. لأنه لا صلة له باستقذار الدافع الجنسي الفطري، الذي خلقه الله ليعمل، لا ليكبت ولا ليستقذر. ولكنه رسم له حدودًا مشروعة، علم الخالق الحكيم أنها هي المأمونة التي لا تؤدي إلى الدمار للفرد أو المجتمع سواء.
وحين يتعرض الإنسان في معركة من أجل العقيدة إلى ألوان من الحرمان: الحرمان من المال أو المكانة أو الأمن أو السلامة، وقد يصل الأمر به إلى الحرمان من الحياة. فإن حرمانه من حقه الرباني المشروع من الجنس لا يزيد على أن يكون أحد ألوان الحرمان التي يتعرض لها في معركة العقيدة.
والحرمان كله مشقة وجهد. والحرمان من الجنس مشقة كذلك وجهد. ولكنه يبذلهما في سبيل الله، ويتلقى عليهما الجزاء من الله، ويقضي حياته بما فيها من جهد زائد عن الحد، عالمًا بأن الجاهلية هي التي تجهده وتشقيه ببعدها عن منهج الله، وراضيًا بدوره في معركة العقيدة، أنه مضمون الجزاء عند الله، وأنه هو السبيل الذي لا سبيل غيره لتغيير الواقع السيئ الذي تعيشه الجاهلية:
{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 1.
وسبيل المربي إلى صيانة فتاه وفتاته عن أقذار الجاهلية الدنسة لن يكون سبيلًا بحال من الأحوال.
فدفعة الجنس الفوارة لها ضغطها على الأعصاب.
وبعد الأمل في الزواج القريب له ضغطه على الأعصاب.
والمثيرات المجنونة في الشارع والمجتمع والصحافة والسينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون والكتاب لها ضغطها على الأعصاب.