بفعلها سواء- إن ما أنزله الله وأمر به إنما هو أمور "مثالية" غير قابلة للتطبيق! وإن "التطور" -الذي هو قوة "حتمية"! - يجعل من المستحيل تطبيق المنهج الرباني الذي أمر الله بتطبيقه! كأنما كان الله -سبحانه وتعالى عما تقوله الجاهلية علوًّا كبيرًا- يجهل وهو ينزل منهجه ويأمر باتباعه إلى آخر الزمان، أنه سيأتي تطور "حتمي! " يمنع تطبيق منهجه، ويجعل أوامره -سبحانه- غير ذات موضوع!
إنها معركة عقيدة. إما أن يخوضها المسلم بروح الجهاد في سبيل الله وسبيل العقيدة، وإما انتصار الجاهلية في ذات نفسه وانتصار الشيطان.
وإنها لمعركة عنيفة وشاقة ومرهقة ما في ذلك شك. ولكن جزاءها كذلك هائل وضخم إنه الجنة:
{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1.
وفي سبيل هذا الجزاء الضخم يخوض المسلم معركته مع الجاهلية، ويستمد من الله العون للانتصار فيها على ذات نفسه وعلى كيد الشيطان.
ولن يناله "الكبت" الذي يخوفونه منه!
إن الكبت ينشأ أصلًا من استقذار الدافع الفطري. والإسلام لا يستقذر دوافع الفطرة، إنما يستقذر الهبوط بها إلى مستوى الحيوان، بغير ضوابط الحيوان الفطرية التي تقف به دون حد الهلاك. لذلك يقول القرآن عن أولئك الهابطين:
{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} 2.
كالأنعام في ظاهر السلوك. ولكنهم أضل في الحقيقة. فالحيوان يتبع فطرته كما خلقها الله، والإنسان الهابط يخالف الفطرة السوية، ثم لا يجد ما يقف به دون حد الهلاك!
والتربية الإسلامية تشد الإنسان من خيط الرفعة، ولا تترك ثقلة الدوافع تجذبه إلى أسفل فيكون أضل من الحيوان..
ولا تكبت دوافعه مع ذلك وإنما تهذبها وتضبطها..