على اتساعه، وتضغط على حسهم وأعصابهم بصورة لا يصمد لها إلا أولو العزم من البشر وهم دائمًا قلة. بينما "التيسيرات" التي تتيحها الجاهلية لأبنائها هي تيسيرات مرفوضة في حسهم أصلًا، لأنها تيسيرات دنسة هابطة لا يرضى عنها الله ورسوله، ولا تليق بـ"الإنسان" الذي كرمه الله.

والذين يريدون الله ورسوله، ويريدون أن يطبقوا المنهج الرباني في الأرض وفي ذوات أنفسهم، لأن هذا هو مقتضى إسلامهم، ولا يكون لإسلامهم بدونه معنى.. هؤلاء لا يمكن أن يستبيحوا لأنفسهم الفاحشة استجابة لضغط الجاهلية، لأنهم إذن يعلنون انتصار الجاهلية في ذوات أنفسهم على العقيدة، وانتصار الباطل على الحق، وانتصار الشيطان على الإيمان.

وإن حياتهم لتصبح قطعة من العذاب.. والجاهلية تؤزهم أزًّا ثم تسد أمامهم كل طريق نظيف، ولا تفتح أمامهم إلا الطريق الواحد الذي حرمه الله ورسوله.

وهذه المشقة البالغة التي يجدونها في حياتهم هي المقصودة بالذات في المخطط الشرير لإفساد البشرية، حتى لا يفلت الناس من الضغوط الهائلة التي تدفعهم إلى الجريمة, ولا يجدوا طريق النظافة ميسرًا حتى لا يبطل مفعول المخطط الشرير.

وفي لمحة من لمحات الوحي قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" 1.

وإنه لهو هذا الزمان الذي نعيش فيه.

ولا حيلة مع ذلك ولا خيار.

إنه إما الصبر على هذا الجحيم الأرضي الذي تصنعه الشياطين في الأرض، وإما إعلان الهزيمة وانتصار الشيطان!

وليعلم كل مسلم يريد أن يطبق منهج الله في الأرض وفي ذات نفسه أن معركته مع الجاهلية في هذا الشأن ليست معركة "أخلاقية" وإنما هي معركة عقيدة.

الجاهلية تريد أن تفتنه عن عقيدته ذاتها. تريد أن تقول له - بلسانها أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015