الفتاة نضجها النفسي والعاطفي "وهي أسرع نموًا من الشاب في هذا الشأن" حتى تكون الأمور كلها قد تهيأت للتنفيذ.

وما نقول -مع ذلك- إن الفترة التي تنقضي ما بين تفجر الطاقة الجنسية في كيان الفتى والفتاة، وما بين الاستجابة العملية لهذا الدافع، وهي تستغرق سنوات تطول أو تقصر. ما نقول إنها فترة هينة لينة ميسرة غاية اليسر! ولا إنها خالية من المشقة والجهد والمعاناة.

كلا! ما نقول ذلك وما بنا أن نقوله.

لقد أسلفنا أن الحياة كلها جهد ومشقة، وكبد وكدح. ولن تكون غير ذلك.

فلئن كانت مشقة هذه الفترة هي الصبر على دوافع الجنس حتى يستجاب لها في صورة مشروعة، فإن مشقة الفترة التالية هي ما يترتب على هذه الاستجابة ذاتها من مطالب وتكاليف!

كلا! إنه لا يتم شيء في الأرض بلا مشقة!

ثم إنه -كما قلنا- لا تستقيم الحياة في صورتها الصحية السليمة إلا ببذل الجهد وتحمل المشقة، وإلا ترهلت النفوس وفسدت الأرض!

وإنما الذي نقوله إن الإسلام -وهو يكلف الناس الضبط في هذه الفترة، التي يعمل على تقصيرها لا إطالتها- يضع الضمانات كلها: التشريعية والتنظيمية والتوجيهية، لكي يكون الضبط أمرًا مستطاعًا في حدود الطاقة، ولا يكون أمرًا خارجًا على الطاقة.

فهو إذ يعترف بالدافع الجنسي نظيفًا طاهرًا بادئ ذي بدء يحول دون نشأة الكبت المتعب للأعصاب والنفوس.

وإذ يجعل المدى إلى التنفيذ الفعلي قريبًا وميسرًا يجعل في القلب طمأنينة إلى تحقيقه.

وإذ ينظف المجتمع من الفتنة الهائجة والمثيرات الجنونية لا يجعل هذا الدافع في حالة هياج مستمر مسعور.

وإذ يستنفد جزءًا كبيرًا من الشحنة النفسية والجسدية في تربية الفتى على الرجولة الحقة, والفتاة على الأنوثة الحقة يخفف كثيرًا من ضغط هذه الشحنة على الأعصاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015