في إنشائها. ولكن الجهد المطلوب ينبغي أن يبذل في تحويلها إلى حقيقة واقعة، والحيلولة بينها وبين أن تصبح أحلام يقظة تستهلك الطاقة النفسية المخصصة لها بغير أن تثمر ثمرة! وهو جهد غير قليل. ولكنه واجب وضروري، وإلا تحولت إلى قوة معطلة بدلًا من أن تصبح قوة دافعة. فإذا تعود الفتى و"الفتاة" على أحلام اليقظة فإنه يستسهل حل أزماته ومشكلاته -خيالًا- عن هذا الطريق السهل، ولا يتحرك لحلها حلًا واقعيًّا على الطبيعة، كما يفعل مدمن المخدرات، يتخيل في لحظة "نشوته" أنه قادر على حل مشكلات الأرض كلها لو عرضت عليه. فما الداعي إذن لأن يجهد ذهنه في حلها الآن، ما دام سيحلها -في حينها- بإشارة واحدة من يده؟!

وقد يكون طفلك فنانًا موهوبًا أو مفكرًا فيركز في تلك الفترة على التأمل الصامت الذي يشبه أحلام اليقظة. ولكن لا تخاطر بتركه لتأملاته على أمل أن يصبح فنانًا أو مفكرًا! إنه إن كان كذلك حقًّا فستغلب عليه نزعته فيما بعد؛ ولكن عليك أن توقظه دائمًا من أحلامه تلك، بتكليفه بأمور يقضيها بوعيه الكامل، تستغرق وقته وجهده، وبتقليل فرص خلوه إلى نفسه منفردًا بقدر الإمكان.

على أنه لا يمكنك -وليس من المصلحة- إطفاء شعلة الخيال إطلاقًا وكفها عن العمل. إن جزءًا من هذه الأحلام مفيد فلا تحاول قتله. فإذا لم يتخيل صبيك صورة مثالية للحياة البشرية فلن يسعى إلى تحقيقها في ذات نفسه ولا في غيره. والمربي المسلم بصفة خاصة يملك فرصة لا يملكها غيره من المربين، هي أن يشبع هذه الأحلام بمثل واقعية من سير الجماعة المسلمة الأولى، التي يلتقي فيها الواقع بالمثال، فتستوعب نزعة الأحلام في نفسه، وفي ذات الوقت تضع أمامه قدوة واقعية يحاول محاكاتها فيكون بذلك الخير.

وأما ذلك الحنين المبهم إلى الجنس الآخر فلا ضير فيه إلا أن يتحول إلى مشغلة عاطفية، عندئذ ينبغي على المربي أن يصرف صبيه عنه باستنفاد الطاقة الفائضة وشغل الوقت الفائض في عمل نافع: العبادة والذكر والدراسة والرحلات والمعسكرات "للصبيان" والالتقاء بالآخرين المشغولين بجديات الأمور ومشاركتهم في جديات أمورهم. والأمر كذلك مع الصبية ولكن في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015