ثم يلجأ المنهج إلى التربية عن طريق استنفاد الطاقة وشغل أوقات الفراغ، ليستنفد قدرًا آخر من شحنة الجنس.

فأما الفتى فيقول له: تعلم السباحة. وتعلم الفروسية.

وكلاهما جهد بدني شاق، وكلاهما كذلك من مظاهر الرجولة والقوة والفتوة. ومن هنا يستنفدان قدرًا مزدوجًا من الشحنة: من الجسد والنفس على السواء.

وأما الفتاة فيكلفها تدبير البيت ورعاية شئونه.

وهو جهد بدني شاق من ناحية. كما أنه من مظاهر الأنوثة الناضجة المستمكنة من أنوثتها1. ومن هنا يستنفد قدرًا مزدوجًا من شحنة الجسد وشحنة النفس على السواء.

هذا، والمجتمع الإسلامي كما ذكرنا من قبل خال من الفتنة الهائجة التي تثير الدوافع، وتهيجها إلى درجة السعار الذي يستعصي على الضبط.

فلا تبرج يفتن الفتى ويخرجه عن طاقة احتماله. ولا دفعات شيطانية تفتن الفتاة وتوجهها إلى التبرج والاستعراض لتكسب إعجاب الشباب. ولا مناظر خليعة في صحيفة ولا مجلة ولا سينما ولا مسرح ولا إعلان تثير فورة الجسد، ولا أغاني رقيعة تثير كوامن الحيوان، ولا مجال للإثارة من أي نوع، لا بالحركة ولا الإشارة ولا اللفظة ولا التلميح ولا التصريح.

هذه النظافة التي يحرص عليها الإسلام حرصًا بالغًا، وتصل كما أسلفنا إلى تحريم الحديث عن الجريمة الخلقية إلا بأربعة شهود، هي جزء رئيسي من منهج التربية الإسلامية في مسألة الجنس. فهو لا يكلف الشباب الضبط ثم يثير دوافعهم إلى المدى الذي لا يقف له إلا أولو العزم من البشر، وهم دائمًا قليل. إنما يجتث الفتنة المثيرة من جذورها قبل أن يكلف الناس الضبط، على طريقته في التكاليف جميعًا. يهيئ لها العدة قبل إصدار الأمر بالتكليف، وقبل المعاقبة على مخالفة التكليف.

ثم هو -على طريقته- يساير الفطرة ولكنه يرفعها إلى أفقها الأعلى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015