حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا، وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا، وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا، وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا، كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} 1.

وإذا كان الجنس -في الإسلام، وفي البشرية السوية كلها- يتم في ستر عن العيون، فليس ذلك نتيجة استقذاره. فإن الاستحمام -وهو أنظف نظافة يقوم بها الإنسان في بدنه- يتم كذلك في ستر عن العيون! ولم يزعم أحد أن الاستحمام عملية مستقذرة! وأن سترها عن العيون ناشئ عن استقذارها!

إنما الستر أو الجهر عملية منفصلة تمامًا عن الاستقذار أو الاستطياب. ومتصلة بشيء آخر، هو الضرر الخلقي الذي ينشأ -أو لا ينشأ- من الجهر. كما أنه متصل بالحياء الفطري الذي أودعه الله في الفطرة البشرية واختصها به، والذي يجعلها -في حالتها السوية- تخجل من كشف العورات.

فأما البهائم، والبشرية التي يراد لها في جاهليتها الحديثة أن تكون كالبهائم، فتكشف عوراتها كما تشاء! ولتمارس الجنس في العراء المكشوف كما تشاء! كلا! ليس الستر نتيجة الاستقذار. ولكنه مقتضى الرفعة والتكريم الذي كرم به الله الإنسان أن يكون كالبهائم والسائمات:

{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} 2.

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} 3.

أما الجنس في ذاته -كدافع من دوافع الفطرة، وكاستجابة واقعية لدافع الفطرة، وكمشاعر وأفكار- فليس حوله طيف من استقذار أو إنكار:

"حبب إلي من دنياكم: الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة" 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015