ولسنا نستمد حقائق منهجنا الرباني من شهادات فرويد ولا غيره من {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} كما سماهم القرآن. فهؤلاء يقولون ما يقولون، ويتخبطون كما يشاءون. ولكنا فقط بصدد تصحيح وهم هائل يعشش في نفوس "المثقفين! " وعقولهم، ويحسبونه علمًا، ويتوهمون أن فرويد قد قال به. فإذا علموا فرويد نفسه -الذين يتلقون منه تعاليمهم- لم يقل ما يتوهمون أنه قاله، فلربما يفيئون إلى أنفسهم، ويخجلون من ترديد كلام ليس لهم به علم:
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} 1.
إنما نقول إنه حتى مع التسليم بأن الكبت ينشأ من استقذار الدافع الغريزي -وهذا جائز2- وأنه ينشئ اضطرابات نفيسة وعصبية، فإن الإسلام لا يستقذر الدافع الجنسي في ذاته، ومن ثم لا "يكبته" البتة.
إنما الذي يستقذره الإسلام ويستنكره هو الجريمة.
وجريمة الجنس، كجريمة السرقة، كجريمة القتل، كغيرها من الجرائم كلها دنس يستقذره الإسلام؛ لأنها تجاوز لما أمر الله به، واغتصاب لحق لا يحق للإنسان اغتصابه.
وطريقة الإسلام في استقذار جريمة الجنس، هي ذات طريقته في استقذار جريمة السرقة، هي ذات طريقته في استقذار جريمة القتل، هي ذات طريقته في استقذار كل تجاوز عما أمر به الله.
{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ