تلك هي ذروة "الكدح" في حياة البشر في ظل الإسلام.. وهي -بجهدها العادي، وجهدها الزائد- في حدود طاقة البشر كما خلقها الله؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. ثم إنها تستنفد الجهد الذي لا بد أن يبذل، لكي تظل النفس البشرية صحيحة سليمة لا يصيبها العطب بالاسترخاء والترهل، أو بصرف الطاقة في الفساد!

وحين يسير الناس على المنهج الرباني ويلتزمونه، ويبذلون الجهد المطلوب بالقدر الذي رتبه الله في الفطرة من ناحية وفي النظام الذي أنزله مفصلًا على قد الفطرة من ناحية أخرى، تستقيم الأحوال كلها في الأرض، فضلًا على الجزاء الذي ينتظر المؤمنين في الآخرة.

وفي ذلك تستوي الطفولة، والمراهقة، والشباب، والكهولة، والشيخوخة. لكل منها جهدها ومشقتها، ولكن في حدود طاقة الفطرة، وفي حدود صحة الفطرة كذلك وسلامتها.

فإن كانت فترة المراهقة والبلوغ تبدو أكثر خطورة وحروجة، فبسبب التفجر العاطفي والجسدي الهائل الذي يصاحبها، ويبدو كأنما تفجر فجأة، فيصبح كالفيضان الذي يوشك أن يحطم الجسور.

ولكنا حين نرقب الفيضان من مبدئه، ثم نرتب له منصرفاته، ثم نجعل الجسور قوية الاحتمال. نكون في مأمن من غائلة الفيضان. وإن كنا دائمًا في كل مراحل العمر، في حاجة إلى اليقظة الدائمة والحذر والاستعداد.

الجنس -ككل طاقة حيوية في كيان الإنسان- خلقه الله ليعمل، ورتب له وهيأ له من المشاعر والأفكار في داخل النفس ما يوائم ويواكب الطاقة الجسدية، ليسيرا معًا متوازيين متساندين متلاقيين كما يحدث في كل المسائل الحيوية الأخرى، ثم رتب له وهيأ له في منهجه المنزل من التنظيمات والتوجيهات والتشريعات ما يحقق أهدافه في أسلم وضع وأنظف وضع، كطريقة الإسلام في كل شيء.

ليست إذن مشاعر الجنس وأفكاره بدعًا بين المشاعر والأفكار. وليست خصائص الجنس الجسدية بدعًا بين خصائص الجسد، وليس الجنس كعملية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015