من الضروري أن يأخذ برأيه في شيء -إلا أن يكون صوابًا يستحق الأخذ به- ولكن تكفي المشورة في ذاتها، فهي تعطيه الإحساس بأنه أصبح كبيرًا بالفعل.

ثم يرسله بين الحين والحين نائبًا عنه في قضاء أمر من الأمور. يقابل أحد معارفه أو يبلغه رسالة منه أو يقضي عملًا في السوق، أو في مكتب البريد، أو في ديوان من دواوين الحكومة. إلى آخر ما يعن للوالد من حاجات.

كما أن الأم تستطيع أن تعهد إليه ببعض المسئوليات التي يقوم بها أبوه في العادة، لتشعره أنها تثق به كما تثق بوالده، أي: على مستوى الرجولة. كأن يذهب مع أخته في مشوار معين. أو يشتري شيئًا لأخيه الأصغر. أو يستقبل ضيوف والده في غيبته ... إلخ ... إلخ.

إن الوالدين بهذه الطريقة يكسبان كسبين عظيمين في آن واحد: الأول هو حل العقدة الشائكة في نفس الطفل، التي تحرج صدره وتحمله على العصيان، وهي استمرار والديه في النظر إليه على أنه طفل. فإذا اطمأن بهذه الصورة إلى "رد الاعتبار" أو بالأحرى "إثبات الاعتبار" فقد انحلت العقدة وذهب العصيان.

والثاني أنهما يدربانه تدريبًا عمليًّا على خبرات الحياة ومقتضياتها، فضلًا على تنمية شخصية الطفل بإتاجة الفرصة له للتعامل الفعلي مع المجتمع، وهو التعامل الذي قلنا إنه ضرورة لازمة للنمو السليم للإنسان.

وهما -بعد- لم يخسرا شيئًا في واقع الأمر، فهو ابنهما، وعليهما أن يفرحا بكبره ونمو شخصيته، لا أن يعاندا معه كالأطفال، ويصرا على معاملته كالأطفال!

والأمر مع البنت كذلك، وإن كان علاجها يقع على عاتق أمها أكثر مما يقع على أبيها.

فإذا رأت الأم بوادر هذه "الحالة" التي تنتاب الأولاد والبنات في هذه السن، فلتبادر هي بالتقاط الخيط، ولتعلن أمام الأب والإخوة والأصدقاء: إن بنتنا -فلانة- لم تعد اليوم طفلة! إنها صارت "ست بيت"!

فهذا الإعلان يصنع في نفسها كما صنع الإعلان السابق في نفس الصبي. ويطمئنها على ذاتها ويرضي نزعتها إلى تكبير نفسها.

ثم على الأم أن تشفع ذلك بتغيير جذري في المعاملة، كالتغيير الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015