عدم تغيير الصديق. فهذه خيانة! "وخاصة في عالم البنات ولكنها موجودة كذلك بين الأولاد".

ثم إن التعامل كله له أصول. هي الصدق والأمانة وعدم الغش وعدم الالتواء مع أفراد المجموعة، وعدم الوشاية بأسرارها لمجموعة أخرى! كما أن هناك ولاء وتناصرًا بينها ضد المجموعات الأخرى!

إنها فترة تكون "القيم" و"المثل العليا" على المستوى الجماعي، ولكنه محصورًا -ما يزال- في نطاق المجموعة الخاصة، التي تشبه "القبيلة" على المستوى البشري الواسع.

إن الطفل في الحقيقة يعيد -في كيانه الخاص- تاريخ البشرية كلها حتى يصل -وتصل- إلى مرحلة الرشد!

أو أن البشرية مرت -في نموها التاريخي- بمراحل مشابهة لمراحل النمو الفردي، فمرت بفترة طفولة باكرة، وطفولة متأخرة، ومراهقة ثم نضوج.. هما خطان متوازيان على أية حال، من هذا الاتجاه أو ذاك.

وهذه الفترة الغريبة من حياة الطفل، التي ينفر فيها -نفرة مؤقتة- من الجنس الآخر، ويكون مجموعات من جنسه، هي الفترة التي يبدأ فيها -كما رأينا- تكون القيم والمثل العليا في داخل نطاق تلك المجموعة الصغيرة. فكأنما هي "شتلة" نبات تستنبت في مكان معين محدود، لتستزرع بعد ذلك على نطاق واسع في كل مكان! وكأنما هذه المجموعة الصغيرة التي يؤثر الفتى أو الفتاة صحبتها، ويؤثرانها على كل ما عداها، هي السور الذي تحمى به هذه "الشتلة" حتى يتم استنباتها، لتوزع فيما بعد على الاتساع، بغير حواجز ولا أسوار!

إنها من عجائب الفطرة التي لا يملك الإنسان إزاءها إلا أن يهتف: سبحان الخالق المبدع.. الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى!

ولكن الذي يعنينا هنا -من زاوية نظر منهج التربية الإسلامية- أن نقرر أن القيم والمثل العليا فطرة. تنشأ تلقائيًّا من داخل النفس، في مرحلة معينة من مراحل نموها. وإنما التوجيه الخارجي هو الذي يشكل القيم ويحددها.

أو تقول أدق من ذلك: "إن النفس البشرية مهيأة -فطريًّا- لإفراز تلك القيم وهذه المثل، في هذه المرحلة المعينة من العمر، ولكن التوجيه -قبل ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015