ويعجب الإنسان من هذه النفرة المؤقتة من الجنس الآخر كيف تكون.

ثم يكون بعدها ذلك الانقلاب الهائل نحو الجنس الآخر. بحيث يصبح حنينًا متدفقًا يشغل المشاعر والخيال!

تجد البنات في مجموعة يلعبن. فإذا جاء في وسطها ولد يطردنه من بينهن قائلات: "نحن بنات أنت ولد فلماذا تأتي في وسطنا؟! هل أنت بنت "أو بنوتة! " تلعب مع البنات؟! ".

وتجد الصبيان في مجموعة يلعبون، فإذا جاءت في سوطهن بنت تصايحوا عليها وطردوها: "نحن صبيان فما الذي يأتي بالبنات في وسطنا؟! اذهبي فالعبي مع البنات اللواتي مثلك"!.

ومع أن علم النفس الغربي ذاته يعلم هذه الحقيقة ويسجلها، فإن الجاهلية الحديثة تنشئ مدارس إعدادية مشتركة لتكسر هذا الحاجز الفطري وتحاول تغيير طبائع النفوس! ولمصلحة من تغير الطبائع، وما الغاية من تغييرها إلا التعجيل بالفساد، خوفًا من أن يتأخر -قليلًا- إلى مرحلة البلوغ؟!

وفي تلك الفترة -قبل البلوغ- تنشأ زمالات وصداقات عميقة في نطاق كل من الأولاد والبنات على حدة. فيصطفي الولد مجموعة من الأولاد يصاحبهم ثم يصطفي من بينها زميلًا أو أكثر، كما تصطفي البنت صديقة أو أكثر، تكون بينهم مودة خاصة غير العلاقات العامة التي تربط المجموعة كلها من الأولاد أو البنات. بحيث يكون ذلك أمرًا معروفًا وملحوظًا، وكثيرًا ما يثير الغيرة في نفوس الأقران، وبين البنات بصفة خاصة.

وتكون هناك "قيم" معينة في داخل تلك المجاميع، يعتبر اتباعها ضروريًّا لعضوية الجماعة، ونقصها أو نقضها مبررًا للطرد منها، أو للتنديد بصاحبها.

فلكل لعبة -مثلًا- أصول. واللعب الآن جماعي وليس فرديًّا أو ذاتيًّا كما كان من قبل. واحترام هذه الأصول أمر شديد الأهمية في نظر الجماعة بحيث يصبح الخارج عليها خارجًا على الجماعة ذاتها، وينبذ منها -ولو مؤقتًا- ريثما يتعهد باتباعها، "وذلك أوضح في محيط الأولاد بصفة خاصة، حيث تكون ارتباطات البنات ارتباطات صداقة أكثر منها اشتراكًا في لعب جماعية. وإن كان للبنات لعبهن المشترك كذلك".

وكذلك للصداقة أصول. منها المحافظة على المواعيد والوعود. ومنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015