لم يظل لنا حتى اللحظة كيف تصنع الهرمونات في "النفس" ما تصنع. وقد يكون العلم على بينة مما تصنعه الهرمونات أو أية كيماويات أخرى من تغيرات جسدية -حيوية وعصبية- أما تأثيرها في "النفس" فما زال موضع دراسة لم تسفر بعد عن نتيجة حاسمة. والدراسات التي تجري على المخ البشري تحاول أن تجد حلًّا لهذا السؤال. وتفترض فرضًا تسعى إلى إثباته هو أن المخ يحتوي خلايا "نفسية" مجاورة وموازية للخلايا العصبية، تتأثر معها -أو بمفردها- بمؤثرات معينة.

وأيًّا كان أمر هذه الدراسة، فالثابت على أي حال أن هناك "كيانًا نفسيًّا" للإنسان قائمًا بذاته كالكيان الجسدي، ولكنهما متصلان بصورة من الصور، بحيث يؤثر كل منهما في الآخر ويتلقى تأثيراته.

فحتى على فرض أن هرمونات الجنس هي التي تحدث هذه التغيرات النفسية، فهي لا تحدثها بذاتها كنتيجة مباشرة لما تحمله من مواد كيماوية. ولكن لأنها -بكيماوياتها- تنبه مراكز معينة في المخ، هي المتصلة بالعواطف، والأحلام، والمثل.. إلخ، وهي التي تجعل الطفل يحس من الداخل بأنه لم يعد طفلًا. مع أن كل شيء فيه يبدو لعين الرائي أنه طفل ما يزال!

يمكن أن يقال من ناحية أخرى، معنوية بحتة، أو نفسية بحتة، إن مجموع الخبرات والمعلومات التي يكتسبها الطفل تدريجيًّا في الفترة الأخيرة من طفولته، وهي التي تجعله يستنكف أن يعامل على أنه طفل، حتى يبلغ اعتداده بها حدًّا معينًا يجعله يميز تميزًا واضحًا بينه وبين الأطفال الذين لا يعلمون هذه المعلومات ولا هذه الخبرات، ولا يستطيعون بعد أن يستوعبوها. يبدو ذلك من قوله عن أي طفل من الأطفال الذين يصغرونه: "إنه ما زال طفلًا "عيل" لا يعرف شيئًا! " فكأنه يعتد "بالمعرفة" ويجعلها هي الفارق الأساسي -أو من بين الفوارق الأساسية- بينه وبين الأطفال.

ولا يمتنع على أي حال أن يتواكب تأثير الهرمونات الجنسية مع هذا التهيؤ "النفسي" البحت فيزيده قوة حتى يصبح شعورًا غلابًا في نفس الطفل.

في هذه الفترة من المراهقة -وقيل البلوغ- يتجمع الصبيان في مجموعات من الذكور لا تقبل الإناث في وسطا -في العادة- وتتجمع البنات في مجموعات من الإناث لا تقبل الصبيان في وسطها كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015