الباب الرابع: من الصبا إلى الشباب الباكر

نحن الآن مع كائن جديد لا يريد أن يكون طفلًا، ويكره أن يعامل على أنه طفل صغير كما كان بالأمس القريب. ويريد أن يعامل على أنه إنسان كبير. يريد أن يعامل على أنه رجل إذا كان ولدًا، وعلى أنه أنثى ناضجة إن كانت بنتًا!

نحن في فترة "انقلاب" كامل.

وقد مرت تغيرات كبيرة من قبل في حياة الطفل, ولكننا ربما لم نلتفت إليها كثيرًا لأنها جاءت تدريجية، أو لأننا نتوقع أن تكون حياة الطفل كثيرة التقلب فلا تفاجئنا التقلبات كثيرًا حين تحدث.

مرت على الطفل فترة في بداية طفولته كان فيها خياليًّا جدًّا. خياله واسع وحي وفياض. فهو من فرط حيويته وسعة خياله يضفي الحياة على كل كائن حوله، وليس على الأحياء وحدهم من ناس وحيوان. فالحائط حي والعصا حية، واللعبة حية يناديها ويتوقع أن ترد عليه أو ربما تخيل أنها ترد عليه بالفعل. وحين يقع وهو يتعلم المشيء فإنه يتخيل أن الأرض قد ضربته، ويغضب منها لأنها آلمته. حتى إذا جاءت أمه وضربتها، فإنه يصدق أنها تألمت بالفعل من الضرب، وأن أمه ثأرت له منها. فيرضى.

ثم تأتي مرحلة أخرى من الخيال، يفرق فيها الطفل بين الخيال والواقع, ولكنه ليس تفريقًا حاسمًا. فهو يركب العصا على أنها حصان، ويضربها لتجري, أو تلاعب البنت عروستها على أنها كائن حي يتجاوب. ويعلم الولد أن العصا عصا وليست حصانًا في الحقيقة، وأنه هو الذي يجري بها حين يضربها، وليست هي التي تجري من تلقاء ذاتها. وتعلم البنت أن العروسة عروسة وليست ولدًا ولا بنتًا على الحقيقة، وأنها لا تنام من تلقاء نفسها, ولكنها هي التي تنيمها، ولا تقف من ذات نفسها ولكنها هي التي توقفها، ومع ذلك فإن الولد والبنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015