ولا خوف على الطفل من العقد ولا الكبت ولا ضمور الشخصية ولا شيء مما تلوكه النظريات المريبة كله ما دام الزجر أو العقوبة لا يتجاوز الحد المعقول. والحد المعقول تقرره حكمة المربي وخبرته، وتقرره كذلك طبيعة الطفل ذاته.
ثم إن التشجيع. الذي تريد تلك النظريات المريبة أن تجعله هو الوسيلة الوحيدة للتربية، ليس سلاحًا مأمونًا في كل حالة ولأي مدى من الزمن بلا حدود. بل إن له مخاطر. وينبغي الكف عنه بمجرد أن تظهر هذه المخاطر.
وأكبر المخاطر فيه أن يتحول عند الطفل إلى شرط للقيام بالعمل المطلوب أو الكف عن العمل غير المرغوب، أي: إنه يمتنع عن الإتيان بالعمل إذا لم يجد حافزًا عليه، أو يمتنع عن الكف عن عمل سيئ حتى يقبض "الثمن" للكف.
هنا تصبح المثوبة شرًّا خالصًا لا خير فيها، لأنها تعوق الإحساس "بالواجب". الواجب الذي ينبغي أن يعمل لأنه واجب في ذاته, لا لأن هناك أجرًا عليه. وهذا تعويق للنمو النفسي، وإفساد كذلك للشخصية.
ففي اللحظة التي يتحول فيها التشجيع -الحسي أو المعنوي- إلى شرط للقيام بالعمل أو الكف عنه ينبغي أن يوقف التشجيع في الحال، ويلزم الطفل بأداء العمل أو الكف عنه إلزامًا بغير أجر. ولا بأس بعد ذلك من العودة إلى التشجيع بعد القيام بالعمل المطلوب. وبعد أن نزول نهائيًّا صورة الشرط سواء كان شرطًا مقدمًا أو مؤخرًا.. المهم هو الفصل الكامل بين أداء العمل الضروري وبين اشتراط الثمن له من أي نوع.
أما الأعمال التطوعية، أو لا يمكن أو لا يجوز القهر عليها، فلا بأس من أن يظل التشجيع عليها قائمًا ولو في صورة ثمن مشروط. مع ضرورة التوفية بالشرط المتفق عليه، لأن الإخلال به يفقد ثقة الطفل بوعود والديه، ويصدمه صدمة عنيفة لا يزول أثرها من نفسه.
فحين تقول لطفلك، حين يكبر ويتعرض للامتحانات ومشكلاتها: إذا حصلت على نسبة عالية في الامتحان فسأشتري لك ساعة أو دراجة أو.. أو.. مما يحبه الطفل، فليس في ذلك بأس. لأنك لا تملك في الحقيقة أن تقهره على الحصول على هذه النسبة العالية، ولا حتى على النجاح ذاته. إنما