أودعها الخالق في نفوس الكائنات ليتم ما رسمه في سنته سبحانه. ولكن على الوالدين أن يعلما -إلى جانب ذلك- أن التشجيع مطلوب ولا غنى عنه، وأنه واجب لا ينبغي لهما أن يغفلا عنه.
أما العادات السيئة التي يتعرض لها الطفل، وهي كثيرة، فلا بد من إبطالها ولو كان في ذلك مشقة على الطفل وعلى والديه كذلك. والخوف من إزعاج الطفل أو مضايقته بمنعه عن عاداته السيئة المحببة إليه، أو الخوف عليه من تأثير عملية الزجر على مشاعره وأعصابه، معناه أننا سنتركه لعاداته السيئة تلك، تستفحل وتستعصي على العلاج فيما بعد، أو تترك آثارًا مفسدة في شخصيته في المستقبل.
وليس لنا خيار في الأمر. فهذه المشقة مفروضة على الكبير والصغير. والكدح المفروض على البشرية حتى تلقى ربها هو كدح يبدأ مبكرًا جدًّا، من أول الميلاد! وإن أشفقنا على الطفل من الانزعاج أو المضايقة أو الجهد فتركناه وشأنه، فإننا نعرضه في مستقبل حياته لانزعاج أكبر، ومضايقة أشد، وجهد أشق. فالخبر إذن أن نبدأ من البداية الطبيعية في مرحلة الطفولة. ولا بأس علينا أن نجعل الأمر في أخف صورة ممكنة، فليس المفروض أن نثقل على الطفل -متطوعين- ولا أن نحمله فوق طاقته، بل المفروض أن نعاونه بكل طاقتنا حتى يجتاز تلك المرحلة في سلام. ولذلك فإننا نبدأ بالتشجيع. أي: نبدأ بالمثوبة. فنعطي "ثمنًا" معنويًّا أو حسيًّا لكل عادة سيئة يكف عنها الطفل. مع محاولة شغله دائمًا عن العادة السيئة بأخرى لا ضرر منها، وخاصة مص الإبهام والعبث بأعضائه، فهاتان يجب أن يشغل عنهما بشيء آخر في ذات اللحظة التي تنتابه العادة فيها حتى ينسى.
ولكن التشجيع وحده قد لا يكفي. ولا شغله عن العادة السيئة بأخرى. إذ تكون العادة السيئة أشد تأصلًا في نفسه، أو يكون هو أشد تعلقًا بها، بحيث لا يلهيه شغله عنها, ولا تشجيعه على تركها. عندئذ ليس أمامنا خيار في صرفه عنها بالزجر، اللين في بادئ الأمر، ثم الحسم في نهاية الأمر. ولو أدى ذلك إلى استخدام العقوبة البدنية في نهاية المطاف. ذلك أنه من المحتم -لصالحه هو نفسه- أن يكف عن هذه العادات السيئة، ولا بد من الوصول إلى إبطالها بأي وسيلة. فإذا لم تجد الوسائل اللينة كلها فما العمل إلا استخدام وسيلة خشنة؟!