الطبيعي الواقعي دون زيادة مدعاة. فلا شك أنه لو كان واثقًا بنفسه معتدًّا بها ما لجأ إلى الإضافة إليها عن طريق الادعاء. وحين يوفق الوالدان إلى إثارة اعتداده بنفسه في شيء يملكه بالفعل ويقدر عليه بالفعل فلن يحتاج بعد ذلك إلى الادعاء.

ويكذب أحيانًا ليستولي على مزيد من النقود ينفقها في أشياء يشتهيها ولا يحصل عليها في حدود ما يعطى له من "المصروف" وذلك انحراف لا بد من تقويمه بشيء من الحسم ولكن مع كثير من النصيحة، وبالتلقين بأن الكذب أمر رديء جدًّا، يفقده ثقة والديه وثقة أحبائه وثقة الناس جميعًا، ويدعو إلى احتقارهم له. وهكذا حتى يكف.

وكل حالة من حالات الكذب لها ما وراءها من أسباب، ولا بد من دراسة الأسباب لاختيار الأسلوب المناسب من العلاج.

وللطفل دوافعه الذاتية للسرقة كذلك. والسرقة والكذب هما أكثر انحرافات الطفولة حدوثًا، وأكثرها حاجة إلى الجهد من الوالدين حتى يعبر الطفل مرحلتهما بسلام ويستوي على الطريق.

وقد لا يشاهد الطفل حالة سرقة واحدة حوله تدفعه بالقدوة السيئة إلى ارتكاب السرقة. بل قد يكون الجو كله من حوله غاية في النظافة والاستقامة والأمانة. ومع ذلك لا يلتقط القدوة الصالحة لأن دوافعه الذاتية تدفعه بعيدًا عنها.

وحب الطفل للحلوى من أشد أسباب ارتكابه للسرقة، سواء كانت سرقته للحلوى ذاتها إن وجدت أو للنقود التي يشتري بها ما يشتهيه منها. وقد يكون الأب فقيرًا لا يملك تزويد الطفل بمشتهياته فيسرق من المنزل أو من أماكن أخرى لإرضاء رغباته الطبيعية أو الجامحة. وقد يرغب -غير الحلوى- في ركوب الدراجات المستأجرة أو ما شابه ذلك من رغبات.

وتلك مشكلة إذا كان الأب فقيرًا بصفة خاصة. وهي في حاجة إلى صبر وأناة حتى يقلع الطفل عن السرقة. وقد لا يكون البدء بالعقوبة مناسبًا في كل حالة. إنما يبدأ بالنصيحة والتلقين. وبتعويده الصدق من جانب آخر.

فإنه إن تعود الصدق سيضطر إلى الاعتراف بالسرقة وهو اعتراف مزر بالكرامة، قد يصده عن السرقة ذاتها حتى لا يضطر إلى الاعتراف المزري بها. ثم قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015