فتركهم آباؤهم وشأنهم حتى يقتنعوا. ثم لم يقنتعوا حتى اللحظة، وسيطول انتظار البشرية حتى يقتنعوا!!

ألا إنها سفاهة في الرأي لا تنشأ إلا في الجاهلية المفككة العرى، المتحللة الروابط، المنحلة القوام.

فضلًا على التدبير الشيطاني الماكر الذي يزين ذلك للبشرية في صورة "علم" و"مناهج تربوية" و"نظريات نفسية".

وجميل جدًّا أن يقتنع الطفل -أو الشاب- أو الإنسان الناضج بحكمة ما يفعل، فإن ذلك أيسر للتنفيذ القلبي وأرجى للثمرة من التنفيذ بغير اقتناع. ولكن أن نكل الحق - الذي نعلم أنه حق- إلى اقتناع كل فرد، وفيهم الشخص الضيق المدارك, وفيهم الشخص ذو الطبائع الملتوية, وفيهم الشخص المتمرد على كل أمر لمجرد أنه أمر ولو علم أنه الحق. هذا أمر لا يأتيه إلا من سفه نفسه بفعل الجاهلية المتراكمة على قلبه حتى تطمس بصيرته.

وإن منهج التربية الإسلامية ليقوم ابتداء على طاعة الله، طاعة تسليم وإخبات، سواء "علم" الإنسان الحكمة أم لم يعلم، وسواء "اقتنع" بها عقله أم لم يقتنع:

{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 1.

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} 2.

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 3.

{قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} 4.

{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 5.

ثم إن هذا التسليم المطلق لا يكون لغير الله, وللرسول الذي ينطق بالوحي الإلهي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015