الوحيد حتى لو كان ضرورة لا فكاك منها! ولتجرب هذه الجاهلية -إن كانت صادقة بالفعل في البحث عن الحل- فلتجرب أن تعطي الشاب المتزوج الذي لا يتزوج موظفة إعانة زواج تساوي أجر الزوجة الموظفة! ولتنظر بعد ذلك كم ينتظم الإنتاج في الدواوين والمصالح والمصانع، وكم تتهيأ الظروف لتنشئة أجيال من البشر مطمئنة مستقرة لا تتشرد ولا تنحرف ولا يجرفها التيار!!

الأم المسلمة -في المجتمع السلم- في ظل الدولة المسلمة التي تطبق شريعة الله ومنهجه في الحياة- أم متخصصة إلا في حالة الضرورة القاهرة، وهي ضرورة نادرة الحدوث في المجتمع المسلم والدولة المسلمة. وهي بتخصصها ذلك تمنح الطفل حاجته الفطرية إلى الحب والحنان والرعاية. فينشأ نشأته السوية التي تتوازن فيها نفسه، أو يكون لديها على الأقل استعداد للتوازن المطلوب.

وتلك نقطة البدء في تربية الطفل، وهي نقطة بدء خطيرة في حياة البشرية؛ لأنها هي التي ترسم مستقبل البشرية!

إن الحب الذي تمنحه الأم للطفل، ولا يستطيع غيرها أن يمنحه إياه، هو الذي يعلم الطفل الحب، ويوازن في نفسه خط الكره الفطري، الذي ينبت في النفس تلقائيًّا؛ لأنه من خطوط الفطرة التي يولد بها الإنسان1.

كل إنسان سوي يولد وفي نفسه مجموعة من الخطوط المتوازية المتضادة في الاتجاه، كالخوف والرجاء، والحب والكره، والحسية والمعنوية، والإيمان بما تدركه الحواس, والإيمان بما لا تدركه الحواس، والواقع والخيال، والفردية والجماعية، والسلبية والإيجابية، والالتزام والتحرر، وكلها خطوط أصيلة في الفطرة البشرية، وتؤدي عملها في تكوين البناء النفسي للإنسان.

وفي نفس الطفل تكون هذه الخطوط كلها باهتة لم تتميز بعد بشكل واضح، كالثمرة في بدء تكونها، ولكنها موجودة بغير شك. والمعاملة الخارجية للطفل هي التي تعمق هذه الخطوط وتبرزها، أو تعمل على وقف نموها فتظل على حالتها الطفلية، أو تكبتها فتحول بينها وبين التعبير عن نفسها بصورة محسوسة.

وأغلب الانحراف ينشأ في هذه الخطوط المتقابلة. فهي في حالتها السوية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015