تتميز وبداية تعريجات هنا وهناك. إنها بداية تكون "الشخصية" المميزة للثمرة!

والطفل كذلك.. إنه ليس صفحة بيضاء بغير خطوط.. هناك خطوط باهتة لم تتميز بعد، ولكنها ستتميز لا محالة. إما على صورتها الموروثة بغير تعديل إذا لم يحدث تدخل معين في شأنها، وإما على صورة معدلة إذا حدث تدخل مقصود.

وكل انفعال يمر في نفس الطفل، وكل تجربة يخوضها، تجربة سرور ورضاء أو تجربة خوف أو انزعاج أو ألم أو قلق، تحفر مكانها أو تخط خطها في تلك الصفحة، حتى يتكون فيها في النهاية خط بارز واضح نتيجة تراكم التجربة وتراكم الانفعال.

ومن هنا خطورة السنوات الأولى في حياة الطفل ... وإن كانت كما أسلفنا لا تغلق الباب نهائيًّا أمام فرص التعديل في أي مرحلة من مراحل العمر القادمة، وخاصة في مواسم "الانقلابات" الطبيعية في المراهقة والشباب المبكر.

في تلك الصفحة البيضاء ظاهريًّا، الباهتة الخطوط في الحقيقة، ترتسم الملامح الأولى للشخصية، ويتوقف الكثير على طريقة التعامل الذي يتعامل به الأبوان مع الطفل.

وفي تلك المرحلة الباهتة الخطوط قد لا يستطيع الوالدان أن يميزا تلك الخطوط بسهولة، لأنها باهتة أولًا، ولأن وسائل التعبير عند الطفل محدودة للغاية قبل أن يستطيع النطق ويتعلم التعبير باللغة، الذي هو معجزة من معجزات الخلق في هذا المخلوق البشري:

{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} 1.

{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} 2.

ولكن حتى مع عدم وضوح الخطوط تمامًا فإن الأم تبدأ تدرك شيئًا عن مزاج الطفل وطبائعه، فهي ألصق الناس به وأقربهم في التعامل إليه. وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015