ومن البديهيات -كما أسلنفا- أن يكون الأم والأب مسلمين ليتمكنا من تربية أطفالهما تربية إسلامية.
إنها بديهية من أجل الرجل بمفرده، ومن أجل المرأة بمفردها، ولكنها أكثر بداهية, وأشد ضرورة من أجل تنشئة جيل قادم على مبادئ الإسلام.
الإسلام بالنسبة للكبار والصغار تربية وممارسة عملية. وليس دعوى تدعى ولا ألفاظًا تقال والتنشئة على الإسلام لا بد لها من جو معين، ينشأ فيه الكبير أو الصغير، يتلقى فيه تعاليم الإسلام، ويتشرب روحه، ويمارسه ممارسة فعلية، ويتكون منه في نفسه رصيد واقعي. وبغير ذلك يكون الإسلام صورة بغير واقع، أو دعوى بلا رصيد.
والإسلام نزل من عند الله ليطبق ويمارس ويعاش في واقع الحياة.
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} 1.
فليس الإسلام دعوى فارغة ولا أمنة تتمنى:
{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا، وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} 2.
وليس الإسلام كذلك ميراثًا يورث بغير وعي. فالذين "يرثون" الكتاب وراثة لا يعملون به:
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} 3.
إنما هو ميراث حي، ينبغي أن يورث بالتربية الواقعية عليه، فيصبح رصيدًا ذاتيًّا للجيل الناشئ، يعيشونه في عالم الواقع، ويورثونه بدورهم لمن