المحضن الذي ينشأ فيه الأطفال، لتكون تنشئتهم في أفضل وضع لهم، وفي أنسب الظروف ملاءمة لنموهم السوي على الفطرة السليمة.
فهو أولًا يستثير وجدان المودة والرحمة بين الزوجين، ليكون هذا هو الرباط الأقوى الذي يربط قلب الأب وقلب الأم، فيربط معهما كيان البيت كله:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 1.
ثم هو يوصني كلًّا منهما بإحسان المعاملة من جانبه والحرص على هذ الرباط من أن تنفصم عراه، فيقول للرجال:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} 2.
فيجعل الأمل هو الغالب، والصبر على المكروه هو الواجب، فلا يسرع الرجل إلى فصم تلك العلاقة لأول تغير في قلبه، أو بادرة سوء يراها منها. ويضع أمام المرأة الصورة الجميلة لهذه المعاشرة توجيهًا لها أن تحاول تحقيقها، بما يحفظ للبيت استقراره وأمنه:
{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} 3.
ويضع أمامهما معًا صورة دقيقة عميقة للعلاقة بينهما تجعلهما ممتزجين متحدين متداخلين كالإنسان وثوبه:
{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} 4.
بكل ما يوحي به التعبير من معاني الملامسة والمكاشفة والالتصاق الجسدي والروحي والوجداني كلها في آن.
ويدعو إلى علاج كل بادرة من بوادر الخلاف قبل أن تصل إلى القطيعة:
{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا، وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ