نساء ورجال- ذوي شخصيات فائقة غير طبيعية ... وتلك موهبة لا يهبها الله لكل إنسان! وإن كانت أمنية الأماني لكل إنسان!
فمن أجل هذا الطفل الواحد إذن -بحقيقة علمية مجردة لا انفعال فيها ولا تهويل- تحتاج أن يكون الشارع والمدرسة والمجتمع على الصورة التي ترغب في تنشئة ذلك الطفل عليها، إلا أن تكون من ذوي القدرات الفائقة الموهوبة النادرة، ولا تضمن مع ذلك، أن يكون تأثيرك هو الأوحد أو هو الغالب على كل ما عداه!
فإن كنا نريد إذن أن نربي أطفالنا تربية إسلامية -وذلك هو المقتضى الطبيعي لكوننا مسلمين- فلا بد -بداهة أن يكون لدينا البيت المسلم، والشارع المسلم، والمدرسة المسلمة، والمجتمع المسلم. وإلا فلن تكون الحصيلة في النهاية كما نريد.
البيت كما قلنا هو المؤثر الأول، وهو أقوى العوامل الأربعة جميعًا، بحكم التصاق الطفل به، وقضائه أطول فترة من طفولته في داخله، وبحكم أنه هو أول من يتسلم خامة الطفل ويؤثر في تشكيلها.
وقد قلنا إنه في حالات نادرة يكون تأثير البيت معادلًا لتأثير العوامل الباقية كلها أو متفوقًا عليها. ولكنه في جميع الحالات صاحب التأثير الأقوى، إلا أن يكون من التميع والتفكك وضياع الشخصية بحيث ينعدم تأثيره، فيكون الشارع أو المدرسة أو المجتمع هو الأطغى تأثيرًا والأفعل في نفس الطفل. وحتى عندئذ لا يكون تأثير البيت غير موجود، إنما يكون موجودًا بصورة سلبية. أي: إنه -بتميعه وتفككه وضياع شخصيته- طبع الطفل الذي ينشأ فيه بطابعه، فجعله سهل التأثر بكل ما يأتيه من خارج ذاته.
والغالب بطبيعة الحال أن يكون البيت والشارع والمدرسة والمجتمع كلها سائرة في اتجاه واحد، ومتجانسة في هداها أو في ضلالتها، فيكون تأثيرها -الطيب أو الخبيث- متوازيًا ومتآزرًا في نفس الطفل، بحيث لا يشعر بانتقال حقيقي من البيت إلى الشارع إلى المدرسة إلى المجتمع الواسع، ولا يشعر بالشد والجذب بين هذا الاتجاه وذاك.
ولكن ذلك لا يحدث -بتمامه- إلا في حال استقرار المجتمع على الهدى