بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" 1.
هل نعجب إذن من أن ينشأ الأطفال بعيدين عن الإسلام، وأهلهم لا يتيحون الفرصة لفطرتهم أن تستقيم على طبيعتها السوية، وإنما يعملون على انحرافها بما يمارسون هم من انحراف عن طريق الله المستقيم؟!
وكما قلنا من قبل فإن تربية طفل واحد على الإسلام -كتربية ألف طفل, كتربية جميع الأطفال- تحتاج إلى البيت المسلم، والشارع المسلم، والمدرسة المسلمة، والمجتمع المسلم.
إن هذه العناصر كلها مجتمعة ذات أثر بعيد في تنشئة الأطفال. هي التي تطبعهم بطابعها، فتنشئهم على استقامة أو تنشئهم على انحراف.
وحقيقة إن المزاج الشخصي للطفل، ووراثاته القريبة والبعيدة من أبويه وأهله ذات أثر في تكوين شخصيته لا يمكن إغفاله، فهو يولد بها قبل أن يتاح للبيت أو الشارع أو المدرسة أو المجتمع أن تلقي عليه تأثيراتها وتطبعه بطابعها. وفي البيت الواحد يمكن أن يوجد أخوان ينشآن في ذات البيئة وفي ذات الجو، يكون أحدهما كريما والآخر بخيلا؛ أو يكون أحدهما شجاعا والآخر جبانا, أو يكون أحدهما منفتحًا على الناس والآخر منطويًا على نفسه؛ أو يكون أحدهما مؤثرًا يتعاون مع الآخرين ويبذل لهم من نفسه والآخر أنانيًّا لا يحب إلا نفسه، أو يكون أحدهما محبًّا للسلطان والآخر خانعًا للسلطان.
إلى آخر تلك الفروق التي تفرق بين مزاج إنسان وإنسان، وين شخصية إنسان وإنسان.
ولكن هذه الوراثات ليست في الحقيقة بالضخامة التي يتصورها الناس عادة إلا حين تترك وشأنها بغير توجيه يقوم انحرافاتها أو يخفف من غلوائها.. فتكون عندئذ هي الغالبة وهي المسيطرة على شخصية الإنسان.
وما نقول إن التوجيه والتربية يلغيان أثر الوراثة.. بل لا نقول إنه من الخير في كل حالة إلغاء هذا الأثر من نفس الطفل، فقد خلق الله الناس مختلفي