إنما المهم عندنا ثلاثة أمور رئيسية:
الأول: أن نعلم من أين نبدأ. ثم ما هو المطلوب منا بعد نقطة البدء، وما هي وسيلتنا لأداء المطلوب منا. وقد بينا ذلك في هذا الفصل.
والثاني: أن نعلم أن الجماعة الأولى التي رباها الرسول صلى الله عليه وسلم على عينه، وحقق فيها منهج التربية الإسلامية بتمامه كله، هي القدوة الدائمة لنا بعد شخص الرسول صلى الله عليه وسلم. وأن صورتها الواقعية هي المرجع الدائم لنا في منهج التربية بعد كتاب الله وسنة رسوله. وأن هذه الجماعة -مع اختلاف بعض أحوالنا عن حالها، واختلاف ظروفها عن ظروفنا- ستظل لأجيال المسلمين كلها -بل لأجيال البشرية كلها- هي النور الذي يستضيئون به ويحاولون أن ينسجوا على منواله. فإن استطاع المسلمون أن يعيدوا سيرتها في أنفسهم في أي جيل من أجيالهم، فهو الخير لهم ولكل البشرية. وإن لم يستطيعوا فلن تذهب محاولتهم هباء، لأنهم سيكونون في أثناء المحاولة قد ارتفعوا بأنفسهم إلى أقصى طاقتهم فيكون الخير.
والثالث: أن نعلم أن لا طريق لنا إلا ذلك الطريق الذي سلكته الجماعة الأولى في خروجها من جاهليتها حتى استوائها على قمة الإسلام الشامخة، وأنه برغم اختلاف بعض الأحوال والظروف -مما قد يقتضي تعديلات في تفصيلات المنهج- فإن وجهة المسلمين إن أرادوا أن يعودوا إلى الحياة مرة أخرى، وينفضوا عنهم ذلك الهوان المخزي الذي يعيشون فيه، ينبغي أن تكون هي تلك الجماعة الأولى، وعلى رأسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن تكون هو موسكو أو لندن أو واشنطن أو بكين.. ولا بأس -بعد أن يتجهوا إلى هذه الجماعة لينسجوا على منوالها ويحاولوا الاقتداء بها- أن يستفيدوا مما يجدونه صالحًا للاستفادة به في موسكو أو لندن أو واشنطن أو بكين!
وفيما يلي من الفصول بيان لمنهج التربية الإسلامية من الطفولة إلى مرحلة النضج.. في شيء من التفصيل.